السائلين عن نسب ربك وصفته، ﴿هُوَ اللَّهُ﴾ الذي له عبادة كلّ شيء، لا تنبغي العبادة إلا له ولا تصلح لشيء سواه. وقال ابن كثير: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، يعني: هو الواحد الأحد الذي لا نظير له، ولا وزير ولا نديد ولا شبيه ولا عديل؛ ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإِثبات إلا على الله عز وجل، لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله.
قوله عز وجل: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ قال ابن عباس: (الصمد: الذي ليس بأجوف). وقال الشعبي: (الصمد: الذي لا يطعَم الطعام). وقال أبو العالية: (الصمد: الذي لم يلد ولم يولد). وعن ابن عباس في قوله: ﴿الصَّمَدُ﴾، يقول: (السيّد: الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغنيّ الذي قد كمل في غناه، والجبّار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه هذه صفته لا تنبغي إلا له). وقال قتادة: (الصمد الدائم).
قال ابن كثير: وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في كتاب السنّة له، بعد إيراده كثيرًا من هذه الأقوال: وكلّ هذه صحيحة، وهي صفات ربّنا عزّ وجلّ، هو الذي يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد: الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه.
قوله عز وجل: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ أي: ليس له ولد ولا والد؛ قال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً *