﴿وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء﴾ أي: ولا تغني عنهم الآلهة التي عبدوها من دون الله شيئًا ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. ثم قال تبارك وتعالى: ﴿هَذَا هُدًى﴾ يعني: القرآن ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مَّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ﴾.
قوله عز وجل: ﴿اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣) قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥) ﴾.
قال ابن كثير: يذكر تعالى نعمه على عبيده فيما سخر لهم من البحر ﴿لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ﴾ وهي السفن ﴿فِيهِ بِأَمْرِهِ﴾ تعالى، فإنه هو الذي أمر البحر بحملها ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ﴾، أي: في المتاجر والمكاسب، ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، أي: على حصول المنافع المجلوبة إليكم من الأقاليم النائية والآفاق القاصية، ثم قال عز وجل: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾
، أي: من الكواكب والجبال والبحار والأنهار، وجميع ما تنتفعون به، أي: الجميع من فضله وإحسانه ولهذا قال: ﴿جَمِيعاً مِّنْهُ﴾، أي: من عنده وحده لا شريك له في ذلك، كما قال تبارك وتعالى: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ﴾، أي: ليصفحوا عنهم ويتحملوا الأذى منهم، وكان هذا في ابتداء الإسلام، أمروا أن يصبروا على أذى المشركين وأهل الكتاب ليكون ذلك كالتأليف لهم، ثم لما أصروا


الصفحة التالية
Icon