أي: ولا تستعجل العذاب لهم، فإنه نازل بهم لا محالة؛ كان ضجر بعض الضجر، فأحب أن ينزل العذاب بمن أبى منهم، فأمر بالصبر وترك الاستعجال، ثم أخبر عن قرب العذاب فقال: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ﴾ من العذاب في الآخرة ﴿لَمْ يَلْبَثُوا﴾ في الدنيا ﴿إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ﴾، أي: إذا عاينوا العذاب صار طول لبثهم في الدنيا والبرزخ كأنه ساعة من نهار، لأن ما يمضي وإن كان طويلاً كأنه لم يكن، ثم قال: ﴿بَلَاغٌ﴾، أي: هذا القرآن وما فيه من البيان بلاغ من الله إليكم، والبلاغ بمعنى التبليغ، ﴿فَهَلْ يُهْلَكُ﴾ بالعذاب إذا نزل: ﴿إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ الخارجون من أمر الله. قال الزجاج: تأويله: لا يهلك مع رحمة الله وفضله إلا القوم الفاسقون؛ ولهذا قال قوم: ما في الرجاء لرحمة الله آية أقوى من هذه الآية. وقال ابن كثير: وقوله تعالى: ﴿فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾، أي: لا يهلك على الله إلا هالك، وهذا من عدله عز وجل أنه لا يعذب إلا من يستحق العذاب. والله أعلم.
* * *


الصفحة التالية
Icon