قال البغوي: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ أي: صفتها ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ﴾ آجن متغير منتن، ﴿وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ﴾ لذيدة ﴿لِّلشَّارِبِينَ﴾ لم تدنسها الأرجل والأيدي ﴿وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ﴾ أي: من مكان في هذا النعيم، كمن هو خالد في النار؟ ﴿وَسُقُوا مَاء حَمِيماً﴾ شديد الحر ﴿فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ﴾ فخرجت من أدبارهم ﴿وَمِنْهُم﴾ يعني: من هؤلاء الكفار ﴿مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ وهم: المنافقون يستمعون قولك فلا يعونه
ولا يفهمونه تهاونًا به وتغافلاً، ﴿حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ من الصحابة ﴿مَاذَا قَالَ﴾ محمد ﴿آنِفاً﴾ يعني: الآن؟ ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ فلم يؤمنوا ﴿وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ﴾ في الكفر والنفاق ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا﴾ يعني: المؤمنين ﴿زَادَهُمْ﴾ ما قال الرسول ﴿هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ﴾ وفقهم للعمل بما أمرهم به وهو التقوى. قال سعيد بن جبير: وآتاهم ثواب تقواهم. ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً﴾ وساق بسنده عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ - قال: «ما ينتظر أحدكم من الدنيا إلا غنى مطغيًا، أو فقرا منسيًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفندًا، أو موتًا مجهزًا أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر».
قوله عز وجل: ﴿فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا﴾، أي: أماراتها وعلاماتها؛ وكان النبي - ﷺ - من أشراط الساعة. انتهى ملخصًا؛ ثم ساق بسنده عن النبي - ﷺ - أنه قال:


الصفحة التالية
Icon