وأيضاً كنت أرجع إلى هذا الكتاب في أبحاثي المتعلقة بعلم القراءات سواء رسالتيّ العلميتين أم غيرهما، وكان الرجوع إليه مقتصراً على بابي ((الأسانيد)) و((تراجم القراء ورواتهم)) ولم يكن في ذهني مسألة ((حامد)) ولا ((ابن الهيصم)) حتى طلب منِّي باحث من الرياض يحضِّر رسالة دكتوراه توثيق بعض معلومات متعلقة بالإمام أبي الحسن علي بن محمد الفارسي تلميذ ابن مهران وشارح كتابه ((الغاية)) وهو -الفارسي- أيضاً شيخ للأندرابي، فبدأت أقرأ المخطوط ((الإيضاح)) من أوَّله وما إن وصلت إلى الورقة (٩/أ) في باب: ((ذكر نزول القرآن على سبعة أحرف واختلاف العلماء في تفسير ذلك)) فإذا فيه:
أخبرني أبو محمد حامد بن أحمد رحمه الله قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الهيصم... الخ فاستوقفني هذا الإسنادُ قليلاً، وما ذاك إلاَّ بسبب كلمة ((الهيصم)) ثمّ بدأت القراءة مجدّداً مركّزاً على معلوماتٍ بعينها للباحث السابق الذكر، ثم أرسلتها إليه.
عندئذ بدأت بالتفكير جدياً في هذا البحث وهو معرفة صاحب ((المباني)) خاصةً وأنِّي الآن قد عرفت أنَّ ابن الهيصم مذكور في ثلاثة كتب وهي: ((المباني)) و((الإيضاح)) و((غاية النهاية))، وأنَّ حامد بن أحمد مذكور في الأخيرين منهما، وهنا سألت هذا السؤال: ألا يمكن أن يكون حامد بن أحمد هو مؤلِّف المباني، خاصةً وأنَّه تلميذ لابن الهيصم وشيخ للأندرابي، وهذا مذكور في ((غاية النهاية)) و((الإيضاح))؟
فأجبت نفسي: بأنَّه هو مؤلِّفه قطعاً، لكن لا بدّ من توثيق أكبر قوةً، فعاودت قراءة كتاب ((الإيضاح)) فاستخرجت منه كل ما فيه من ذكر ((لابن الهيصم)) أو ((حامد بن أحمد)) وكم كانت النتيجة مفرحةً وسعيدةً عندما توصلت إلى النتيجة الآتية:
كتاب الإيضاح للأندرابي يجوز أن يعتبر شبه مختصر لكتاب المباني، ولا أعني بذلك أنه كله كذلك، لا بل ما فيه من منقولات عن ((حامد)) فقط.