وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.
وصح بل تواتر تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر القارئ أحد أعيان التابعين وشيخ إقراء المدينة في وقته وأبي عمرو ويعقوب وعاصم وغيرهم.
ومن ثم اشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز أن لا يجيز أحداً إلا بعد معرفته الوقف والابتداء.
وصح عن الشعبي وهو من أئمة التابعين أنه قال: إذا قرأت (كل من عليها فان) فلا تسكت حتى تقرأ (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).
وقال الإمام أبو الخير:
الوقف في الصدر الأول : الصحابة والتابعين وسائر العلماء، مرغوب فيه من مشايخ القراء والأئمة الفضلاء، مطلوب فيما سلف من الأعصار، واردة به الأخبار الثابتة والآثار الصحيحة. ففي الصحيحين أن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقطع قراءته يقول: الحمد لله رب العالمين، ثم يقف.. الحديث
وقال بعضهم:
إن معرفة الوقف تظهر مذهب أهل السنة من مذهب المعتزلة كما لو وقف على قوله وربك يخلق ما يشاء ويختار فالوقف على يختار هو مذهب أهل السنة لنفي اختيار الخلق لاختيار الحق فليس لأحد أن يختار بل الخيرة لله تعالى. أخرج هذا الأثر البيهقي في سننه.
وروي أن رجلين أتيا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتشهد أحدهما فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما، ووقف. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قم، بئس خطيب القوم أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى.
ففي الخبر دليل واضح على كراهة القطع على المستبشع من اللفظ المتعلق بما يبين حقيقته ويدل على المراد منه، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم إنما أقام الخطيب لما قطع على ما يقبح لأنه جمع بقطعه بين حال من أطاع ومن عصى ولم يفصل بين ذلك أو يصل الكلام إلى آخره، فيقول: ومن يعصهما فقد غوى. فإذا كان مثل هذا مكروهاً مستبشعاً في الكلام الجاري بين المخلوقين فهو في كلام الله أشد كراهة وقبحاً وتجنبه أولى وأحق.


الصفحة التالية
Icon