أما العقل: فإن علة المد موجودة فيهما، والإجماع على دوران المعلول مع علته، وأيضا فقد قوي شبههما بحروف المد لأن فيهما شيئا من الخفاء، ويجوز إدغام الحرف بعدهما في نحوف: كيف فعل، وقوم موسى، بلا عسر. ويجوز مع إدغامهما الثلاثة الجائزة في حروف المد بلا خلاف، وأيضا جوز أكثر القراء التوسط والطول فيهما وقفا، وجوز ورش مدهما مع السبب.
وأما النقل فنص سيبويه وناهيك به على ذلك، وكذلك الداني ومكي إذ قالا: في حرفي اللين من المد بعض ما في حروف المد، وكذلك الجعبري، قال: واللين لا يخلو من أيسر مد فيمد بقد الطبع.
فإن قلت: أجمع القائلون به على أنه دون ألف، والمد لا يكون دون ألف.
قلت: الألف إنما هي نهاية الطبيعي، وهذا لا ينافي أن ما دونها يسمى مدا، لا سيما وقد تظافرت النصوص الدالة على ثبوت مدهما
فإن قلت: قال أبو شامة"
فمن مد عليهم وإليهم ولديهم ونحو ذلك وقفا أو وصلا أو مد نحو (الصيف) و(البيت) و(الموت) و(الخوف)، في الوصل فهو مخطئ "
وهذا صريح في أن اللين لا مد فيه.
قلت ما أعظمه مساعدا لو كان في محل النزاع، لأن النزاع في الطبيعي وكلامه هنا في الفرعي بدليل قوله قبل: "فقد بان لك أن حرف اللين وهو الياء والواو المفتوح ما قبلهما لا مد فيه إلا إذا كان بعده همز أو ساكن عند من رأى ذلك".
وأيضا فهو يتكلم على قول الشاطبي: وَإِنْ تَسْكُنِ الْيَا بَيْنَ فَتْحٍ وَهَمْزَةٍ.
وليس كلام الشاطبي إلا في الفرعي، بل أقول في كلام أبي شامة تصريح بأن اللين ممدود، وأن مده قدر حرف المد، وذلك أنه قال في الانتصار لمذهب الجماعة على ورش في قصر اللين:
"وهنا لما لم يكن فيهما مد كان القصر عبارة عن مد يسير يصيران به على لفظهما إذا كانت حركة ما قبلهما من جنسهما"
فقوله على لفظهما دليل على المساواة، وعلى هذا فهو بريء مما فهم السائل من كلامه، وهذا مما لا ينكره عاقل، والله أعلم.