ثم إن الوقف من الأمور المهمة التي يجب على القارئ معرفتها ويتأكد عليه الاعتناء بها أتم اعتناء لما يترتب على معرفته من الفوائد التي تؤدي إلى عدم الخطأ في لفظ القرآن وفهم معانيه،
وله حالتان:
(الأولى) معرفة ما يوقف عليه وما يبتدأ به
(والثانية) معرفة ما يوقف به من الأوجه
والأولى تتعلق بفن التجويد وأكثر مؤلفيه ذكروها هنالك وأفردها بالتأليف جماعة من الأئمة قديماً وحديثاً كأبي جعفر النحاس وأبي بكر ابن الأنباري والزجاجي والداني وأبي محمد العماني وأبي جعفر السجاوندي وشيخ القراء ابن الجزري وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري والنكزاوي والأشموني وغيرهم
والثانية تتعلق بفن القراءات
وجملة الأوجه التي يقف بها القراء غالبا خمسة أوجه:
١ - الإسكان
٢ - والروم
٣ - والإشمام
٤ - والحذف
٥ - والإبدال
وسيأتي الكلام على كل منها قريبا إن شاء الله تعالى
والسبب الداعي إلى معرفة الحالة الأولى
أنه لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد ولم يجر التنفس بين كلمتين حالة الوصل بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة وجب حينئذٍ اختيار وقف للتنفس والاستراحة وتعين ارتضاء ابتداء بعده، وتحتم أن لا يكون ذلك مما يحيل المعنى ولا يخل بالفهم، إذ بذلك يظهر الإعجاز ويحصل القصد، ولذلك حض الأئمة على تعلمه ومعرفته كما ورد عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن الترتيل من قوله تعالى ورتل القرآن ترتيلا فقال: الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف،
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لقد عشنا برهة وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي ﷺ فنتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها.
ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته
وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.