... فنقول : ذكر الشيخ شهاب الدين القسطلاني في لطائف الإشارات أنّ ابن الجزري ردّ كونها شجرية بما تقدم من تعريف الشجر، وفيه مناقشة، وهي أن الظاهر من كلامه أنّ ابن الجزري ردّ كونها شجرية مطلقا بالتفسيرين المذكورين سابقا في كلامه، وليس كذلك، بل الظاهر أنّ ابن الجزري فرَّع على التفسير الثاني للشجر المنقول عن غير الخليل، كونها ليست شجرية عنده، أمّا على التفسير الأول المنقول عن الخليل فهي شجرية، أي خارجة من شجر الفم، أي مفتحه، وهو وسط اللسان، فإنها تخرج مما يقابل وسطه من حافته، ولذا قال البرهان الجعبري في عقود الجمان : فالضاد مع يائه، وقال في شرح الشاطبية : والشجرية الخارجة من وسط اللسان مطلقا، ومقابله ابن يعيش في شرح المفصل في تعليل تسميتها بالشجرية فإن مبدأها من شجر الفم، أي مفتحه، بل لو أراد ابن الجزري في الردّ مطلقا ينقل البحث إليه.
... فإن قيل : ليس الحافة مما يصدق عليه الشجر، بل هو مخصوص بوسط اللسان. قلت : أولا لا نسلم ذلك، ولئن نسلم فلا / يلزم من تسميتها شجرية أن تخرج ١٥أ من نفس الشجر، بل يكفي خروجها مما يقابله، ويقرب منه، وما قارب الشيء يُعطى حكمه، وهم قد راعوا التغليب في مثل ذلك، ألا تراهم سمّوا ستة أحرف ذولقية، قيل لأنها تخرج من ذلق اللسان، والخارج منه ثلاثة أحرف فقط، والثلاثة الباقية لا عمل للسان فيها، بل هي شفهية، وهي الباء والفاء والميم، فكأنهم أطلقوا عليها ذلك لمشابهتها للذولقية في السرعة والخفّة.
... فإن قيل : فحينئذ يتّجه أن يقال في كلام ابن الجزري في النشر إذا كان معناه ما ذكرت، فلا يكون شيء من الحروف شجريا، إذ ليس شيء منها يخرج من مجمع اللحيين عند العنقفة، فلم خصت الضاد بنفي كونها شجرية.


الصفحة التالية
Icon