وقبل الخوض في المرام من تمهيد الكلام، وتحرير المقام، فليعلم أنّ أصل هذه المسألة أنهم ينطقون بالضاد ممزوجة بالذال المعجمة، والطاء المهملة، ويُنكرون على مَنْ ينطق بها قريبة من الظاء المعجمة، بحيث يتوهم بعضهم أنها هي، وليس كما توهمه، فنقول : الكلام في إثبات ما أنكروه منحصر في مقدمة فيما يجب أن نقدمه، وفصلين محيطين من الدلائل بنوعين، وخاتمة لتنبيهات، ودفع تمويهات.
أمَّا المقدمة ففي بيان مخرجها، وما لها من الصفات التي نصّ عليها العلماء الأثبات في الكتب المعتبرات ؛ ليكون الناظر على بصيرة من الدلائل الآتيات، فإن كلّ حرف له لفظ باعتبار مخرجه وصفته يحفظانه عن زيادته ونقصانه، وعند عرضه عليها يتحقق صحته وسقمه، كما يتحقق / صرّاف الدينار من ضربه عند إلقائه على صليل، كما قال ٣أ
الإمام الشاطبي في حرز الأمان :
وهاك موازين الحروف وما...... حكى جهابذة النقاد فيها محصلا
ولا ريبة في عينهن ولا ريا...... وعند صليل الزيف يصدق الابتلا
وقد قيل إنّ المخرج يبيّن كميّة الحرف كالميزان، وإنّ الصفة تبيّن كيفيته كالناقد.
أمَّا مخرجها فقد قال العلاّمة ابن الحاجب في الشافية : وللضاد إحدى حافتيه، وما يليها من الأضراس، قال الجاربردي في شرحها : وللضاد إحدى حافتي اللسان، وما يليها من الأضراس التي في الجانب الأيسر، أو الأيمن، والحافّة الجانب، وينبغي أنْ يُعلم أنْ ليس المراد بأوّل إحدى حافتيه ما هو في مقابلة أقصى اللسان وما يليه ؛ لتأخّر ذكر الضاد عن القاف والكاف، فإنه دلّ على تأخّر مخرجه عن مخرجيهما، وإذا أخر ذكره عن الجيم والشين والياء أيضا عُلم أنّ مقابل مخرجها من حافة اللسان، لكنه أقرب إلى مقدم الفم بقليل، هو مخرج الضاد، ثم إنّ إخراجها من الجانب الأيسر أيسر عند الأكثر، وقد يستوي الجانبان عند البعض، انتهى.