الذي ينجذب إلى داخل الفم، لا من المنخر، فلذلك خفيت مع حروف الفم ؛ لأنهن يخالطنها، وتتبين عند حروف الحلق ؛ لبعدهن عن الحرف الذي يخرج منه الغنّة، وحروف الشفتين تنطبق عليهن الشفتان، فتنحصر الغنة، وقد أطبق على الباء، فتصير بمنزلة غُنّة ليس بعدها حرف، والنون الساكنة إذا لم يكن بعدها حرف كانت من الفم، وبطلت الغنة، كقولك عن ومن، ونحو ذلك مما يوقف عليه من النونات، فكانت الميم أسهل عليهم ؛ لما فيها من الغنة، ولإنها من مخرج الباء من بيانها، فإن قال قائل، فإن قال قائل : لِمَ لا يوقف على النون الخفيفة ؟ قيل له : أصل خروج النون مخلوط بشيء من الغنّة من الألف، ثم تلحقها في الوقف بالانتهاء إلى موضعها من الفم البيان بلستقرارها في موضعها من الفم، وإذا كان بعدها حرف من الخمسة عشر أغنى عن ذلك، كما أنّ القاف إذا وقف عليها كان بعدها صويت / هي القلقلة، وإذا وُصلت بطلت....... ٢١أ
... وأمّا الهمزة التي بين بين فإن سيبويه عدّها حرفا واحدا، وينبغي عندي في التحقيق أنْ تُعدّ ثلاثة أحرف، وذلك أن~ همزة بين بين هي الهمزة التي يُجعل بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها، فإذا كانت الهمزة مكسورة، فجعلته بين بين، فهي بين الهمزة والياء، وإذا كانت مضمومة، فجعلته بين بين، فهي بين الهمزة والواو، وإذا كانت مفتوحة، فجعلته بين بين، فهي بين الهمزة والألف، ولمّا الياء غير الواجب، وجب أن يكون الحرف الذي بين الهمزةوالياء غير الحرف الذي بين الهمزةوالواو، وكذلك الذي بين الهمزة والألف، وقد مرّ الكلام في همزة بين بين في باب الهمزة وألف الترخيم، يعني الإمالة، وسمّاها ألف الترخيم لأن الترخيم تليين الصوت، ونقصانالجهر فيه، قال ذو الرمة:
... لَها بَشَرٌ مِثلُ الحَريرِ وَمَنطِقُ درخِيمُ الحَواشِي لا هُرآءٌ وَلا نَزرُ (١)
وقد مرّ باب الإمالة وأحكامها.

(١) من الطويل، ديوانه، ص ٣٦


الصفحة التالية
Icon