غير أن البطل [الرسول] يختفي عبر التحولات السردية ليحلّ محلّه السارد عينه في مواجهة مع البطل المضاد [الوليد] لتكون هزيمته محققة.
ولعله من الأفيد أن نستخدم القانون الصوري الذي صاغه قريماس على الشكل الآتي:
PN = SUO SAO
والذي يعني "انتقال الفاعل من حالة انفصاله عن الشيء إلى امتلاكه للشيء"(١).
حيث وجدنا أن الرسول ﷺ ـ وعبر التغدية السردية ـ في طريقه إلى استعادة مكانته التي حسَّ أنها افتقدت وتلاشت بفعل ممارسات الوليد وأتباعه.
وهكذا يتشكل البرنامج السردي الأول. حيث يكون البطل [الرسول] في حالة انفصال عن الشيء القيمة (حبل الوحي) (SUO): ﴿ مَا أَنْتَ بِنْعمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ، وَإنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ، وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾..
هناك نعوت إثباتية خلف هذه الصفات المنفية، وهنا يبدو واضحاً عدم امتلاك البطل للشيء.
وباستخدام أدوات القسم الثلاث، وتعداد جواب القسم والإكثار من التأكيدات و(إن ـ وإنك) واللام المزحلقة (لعلى) (لأجراً)، يصل البطل إلى وضعية امتلاك الشيء (SNO).
أما البرنامج السردي الثاني، فهو الذي أنجزه البطل المضاد [الوليد] ويمكن صياغة قانونه الأساسي حسب غريماس بالمعادلة التالية:
(PN = SUO-SAO). أي البطل يمتلك الشيء ثم يفقد البطل الشيء.
ولعل هذا يكون واضحاً، حينما يظهر الوليد [البطل المضاد] في نصف القصة الثاني: ﴿ ولا تُطِعْ كُلَّ حَلاَفٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيَرِ مُعْتَدٍ أَثِيْمٍ عُتُلِّ بَعْدَ ذلكِ زَنِيمٍ. أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ﴾، هذه الصفات إن تركناها على ظاهرها، تعكس قوة الوليد، جبروته وثراءه وجاهه ونزعته القبلية..

(١) حسين خمري ـ سيميائية الخطاب الروائي ـ تجليات الحداثة ـ ع ٣ ـ ص ١٩٧.


الصفحة التالية
Icon