إن نطق الرسول ﷺ ليس مرجعه لمجرد هوى في نفسه، بل هو وحي يوحى. هذا وحده يكفي لتجسيد خاصية الميل.
تتبدى هذه الخاصية على مستوى الإيقاع والمضمون معاً. من هنا تبدو وظيفة الإيقاع الجمالية، التي تعمل على تحريك القارئ وتفجير داخله، ولا تعزله عن المتعة الحسية والانفعالية التي يحدثها فيه الإيقاع.
وعلى هذا فالإيقاع القرآني هو "القوة التي تربطنا وتشدنا إلى جذور كياننا من داخل إحساساتنا"((١)).
أما في الشكل، فالمسألة جلية. أفلا ترى معي أن نطق الوحي من تلقائية النبي –كما يدعيه المشركون- ميل إلى هواه؟ والإجابة تكون بالإنعام. فالميل –إذن- موجود شكلاً ومضموناً. ويمكن رسم هذا:
أ النطق
............... ب عن هوى
د-المقطع الرابع: ﴿ إِنْ هُو إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾.
هذا المقطع حسبه كالمقاطع السابقة.
فالوحي (القرآن) كان في اللوح المحفوظ ثم أنزل "من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا (ليلة القدر) جملة واحدة ثم نزل منجماً في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين على حساب الخلاف في مدة إقامته ﷺ بمكة بعد البعثة"((٢)). هذه الحركة تحقق ميلاً.
ولك أن ترسم حركة النزول من السماء الدنيا إلى الأرض.
أ السماء الدنيا
............ ب الأرض
هـ-المقطع الخامس: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوى ﴾
إنْ كنا بصدد تحقيق مبدأ الثنائية بين الشكل والمضمون، فإن التعليم مظهر يحققهما على الفور، لأن التعليم فيه الباث والمتلقي. فالمعلم: "جبريل"((٣)) والمتعلم: الرسول صلى الله عليه وسلم. والميل واضح في عملية التعلم.
أ المعلم (جبريل).
............ ب المتعلم (الرسول).

(١) ينظر: جانها بنزرجون: الإنسان: عرض للثقافة الإفريقية الحديثة. ترجمة عبد الرحمن صالح –الدار القومية للطباعة ص١٧٥.
(٢) جلال الدين السيوطي: الإتقان في علوم القرآن –ج١-٢- دار الفكر بيروت، ص٤١.
(٣) الزمخشري: الكشاف، ج٤، ص٣٧.


الصفحة التالية
Icon