فلو جئنا إلى هذه القصة لألفينا بِنْيَتها السردية تأخذ منحنى انعطافياً، يتجلى في مستويات سردية عديدة، الأمر الذي جعلها مفتوحة على التوالد.
يتحدد هنا العمل مكانياً، بأم القرى وما يتصل بها من وشائج ورباطات تنم عن السلطة الوثنية المركوزة في نفوس أهاليها، ويتحدد زمانياً، بمرحلة الدعوة الإسلامية في بدايتها وما يكتنفها من تحمس فيمن آمن بها، ومن تصدٍّ ومجابهة وعناد فيمن نهض ضدّها، وما يتّرتب عن هذا من صراع، تهمس به الأحداث المسرودة. كما يتحدد شخصانياً بالرسول ﷺ في مدخل القصة وبالوليد في مخرجها، ويتحدد تقنياً بنظام الثنائية الضدية التي سخرها النص القرآني لتفجير المكنونات النصية التي تضيق به.
ولعل المقاربة التي تفضي إلى استكناه المكتنزات والمقدرات الجمالية الإعجازية التي يتمتع بها النص القرآني هي تلك التي تلامسه من نواح شتى، وتلاقحه من زوايا مختلفة لأن "كل عمل سردي يجب أن يدرس ـ على الأقل ـ من حيث السرد ومن حيث الحدث، ومن حيث الشخصيات ومن حيث الحيز، ومن حيث الزمن، ومن حيث خصائص بناء الخطاب(١)".
هذه الرؤية الشمولية، تسعى إلى الإحاطة بالنص من مستويات عديدة، من شأنها معاينة المسرود والكشف عن مضمراته، وهي السيرة التي نجعلها منطلقاً لهذا النص بحيث نعالجه من مستويات مختلفة، نحسبها مكونات خطابيته السردية.
أولاً : ـ المكوِّن الإيقاعي:
١ ـ إشكالية المفهوم:
إن مصطلح الإيقاع يظل متميزاً بالتجدّد، تبعّاً لتجدد المعطيات النقدية الراهنة، فعلى صعيد المفهوماتية ألفيناه في لسان العرب: "من إيقاع اللحن والغناء، وهو أن يوقع الألحان ويبينها....

(١) د. عبد الملك مرتاض: ألف ليلة وليلة... ص ٦٨.


الصفحة التالية
Icon