ولعل المضمون المتجدد هنا، هو ما يمثله ذلك التلوّن الذي تتميز به هذه القصة في كل مكوناتها. فمن رفع معنويات الرسول، إلى تحذيره من مداهنة المشركين له، إلى تعرية شخصية الوليد، إلى الانتقام منه. كل هذا يستلزم تغيّراً في الشكل الإيقاعي الذي يرافق هذه المضامين.
٤ ـ الفئة الرابعة: (وم):
وهي فونيم ـ الخرطوم. تواترت مرة واحدة، وخَتمت الإيقاعات السابقة، فكأن حرف "الميم" الذي تُطبق فيه الشفتانِ وتضم، إعلان عن نهاية الوليد، نهاية دين الوثنية...
فإذا القصة كلها، تداخلت فيها هذه الفونيمات وتغيّرت نتيجة التجدد الذي يحدث على صعيد المضمون..
ويمكن الاستعانة بهذا المخطط لمعرفة الإيقاع ومظاهره.
هذا التنوع الإيقاعي حدث نتيجة التنوع المضموني، وهو يعكس ـ في مظاهره ـ دلالات النص المختلفة. وبتنوع الإيقاع وبتكثيفه ـ عبر هذه الفونيمات ـ تسهل عملية حصر المضامين..
يحصل، هذا التداخل بين الإيقاع والمحتوى، حين يكون النسيج النصي محكّماً على صعيدي الشكل والمضمون. إنما "يتكثف الإيقاع هنا في حركة النمو في نسيج العلاقات الناهض بين هذه المكونات ويلف الإيقاع هذا النسيج، يسور فضاء، يدوره وذلك حين يتخذ الإيقاع شكل التواتر المتجول في النص ككل، والذاهب في أكثر من اتجاه أو المتداخل في حقول دلالات النص كلها"(١).
هذه الفونيمات ـ السبع عشرة ـ تشكّل في نهاية المطاف بنيّة النّص القصصي هذا، إضافة إلى مدود أخرى تنبع من داخل النص وهي متشابكة متداخلة مثل: ـ ما ـ لعلى ـ فلا ـ ودو ـ حلاف ـ هماز ـ مشاء ـ مناع ـ إذا ـ تتلى ـ آياتنا..
ويختلف المد حسب طبيعة الحركة التي تنشأ من جرائه من حركتين إلى ست حركات.

(١) يمنى العيد: في معرفة النص ـ دار الآفاق الجديدة ـ بيروت ـ لبنان ـ ط١ ـ ١٩٨٣ ـ ص ١٠١.


الصفحة التالية
Icon