ومنها قوله تعالى(١)[٨٤]) :
﴿ قل هو الله أحد الله الصمد...... ﴾ الآيات
يخاطب بها من ظن أن الله سبحانه وتعالى يشترك مع غيره في هذه الصفات، فكل آية من السورة تفرد له صفة لا يمكن أن يشاركه فيها غيره(٢)[٨٥]) سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.
ومنها قوله تعالى(٣)[٨٦]) :
﴿ وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ﴾
يخاطب بها كل من ظن أو أشرك مع الله سبحانه وتعالى أحدًا في معرفة الغيب(٤)[٨٧]).
وساعد على ذلك أسلوب القصر في قوله :
﴿ لا يعلمها إلا هو ﴾
تعقيب
ماقيل في مراعاة مقتضى الحال في المجالات السابقة يمكن أن يقاس عليه كل ما لم يُذكر هنا.
وما الاكتفاء بذكر بعض من كل في الأمثلة إلا لأن الأحوال كثيرة، ومقتضياتها مثلها، سواء كان ذلك في مجال مراعاة الظاهر أو مخالفته لضرورة بلاغية - كما أشرنا -، وسواء كان ذلك في الحذف أو الذكر أو التقديم أو التأخير أو الفصل أو الوصل أو الإيجاز - حيناً - أو الإطناب آخر أو عند الحاجة إلى التمثيل أو التصوير أو استعمال الكناية أو التعريض في بعض المواقف...... وما إلى ذلك من أساليب يرى البليغ ضرورة استخدامها لمراعاة حال السياق، أو المتكلم نفسه أو المخاطب وما يحيط بذلك المخاطب من ظروف بيئية وثقافية واجتماعية يصعب حصرها هنا، الأمر الذي يتطلب حذق المتكلم ومهارته مع استعداده الفطري واللغوي فضلاً عن ثقافته البلاغية ولباقته المطلوبة لبلورة حديثه وتشكيله وصياغته وفق الغرض الذي يريد، والمقام الذي يلقي فيه حديثه، ليأتي ذلك الحديث مطابقاً للحال مناسباً للمقام مصيباً للهدف واقعاً من نفس السامع أحسن موقع.
يقول الجاحظ رحمه الله :

(١) ٨٤]) سورة الإخلاص: ١-٢
(٢) ٨٥]) تفسير أبي السعود، ٩/٢١٢(بتصرُّف).
(٣) ٨٦]) سورة الأنعام: ٥٩
(٤) ٨٧]) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين الشنقيطي، ٢/١٩٥(بتصرُّف)، ط(بدون)، عالم الكتب، بيروت.


الصفحة التالية
Icon