قال ابن كثير: « ﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ ﴾ أعرض عن بنيه، وقال متذكرًا حزن يوسف القديم: ﴿ يأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ ﴾ جدد له حزن الابنين الحزن الدفين (١) وقال رحمه الله: ﴿ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ ﴾ أي: لا تفارق تذكر يوسف ﴿ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا ﴾ أي ضعيف القوة ﴿ أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ﴾، يقولون: إن استمر بك هذا الحال خشينا عليك الهلاك والتلف ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي ﴾ أي: همي وما أنا فيه ﴿ إِلَى اللَّهِ ﴾ وحده (٢).
وهذه أم موسى حين التقط آل فرعون موسى فرغ قلبها من الصبر فقال تعالى: ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (٣)، قال ابن كثير رحمه الله: «يقول تعالى مخبرًا عن فؤاد أم موسى حين ذهب ولدها في البحر: كأنه أصبح فارغًا، أي من كل شيء من أمور الدنيا إلا من موسى، قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبو عبيدة، والضحاك، والحسن البصري، وقتادة وغيرهم ﴿ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ ﴾ أي: إن كادت من شدة وجدها وحزنها وأسفها لتظهر أنه ذهب لها ولد وتخبر بحالها لولا أن الله ثبَّتها وصبَّرها، قال تعالى: ﴿ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (٤).
* * *
المبحث الثاني: في تحريم قتل الأولاد خشية الإملاق

(١) كما في تفسيره ٢/٢٨٧.
(٢) كما في المصدر السابق ٢/٤٨٨.
(٣) سورة القصص، الآية: ١٠.
(٤) كما في تفسيره ٣/٣٨١.


الصفحة التالية
Icon