سورة الأنعام مكية إلا آيات يسيرة، وعدد آياتها (١٦٥) آية. قال القرطبي رحمه الله: وهي مكية في قول الأكثرين. وقال ابن عباس وقتادة: هي مكية كلها إلا آيتين منها نزلتا بالمدينة، قوله تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ (١) نزلت في مالك بن الصيف وكعب بن الأشرف اليهوديين، والأخرى قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ ﴾ (٢) نزلت في ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري، وقال ابن جرير: نزلت في معاذ بن جبل، قال الماوردي، وقال الثعلبي: سورة الأنعام مكية إلا ست آيات نزلت بالمدينة، ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ (٣) إلى آخر ثلاث آيات، ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ (٤) إلى آخر ثلاث آيات، وقال ابن عطية: وهي الآيات المحكمات – إلى قوله.
تنبيه:
قال العلماء: هذه السورة أصل في محاجَّة المشركين وغيرهم من المبتدعين ومَنْ كذَّب بالبعث والنشور وهذا يقتضي إنزالها جملة واحدة؛ لأنها في معنى واحد من الحجة (٥).
قلت: قال ابن عباس: إذا سرَّك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة في سورة الأنعام ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ إلى قوله: ﴿ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠) ﴾ (٦). انتهى كلام ابن عباس (٧).
تنبيه: قد ورد في فضل سورة الأنعام عدة أحاديث أعرضت عن ذكرها لعدم علمي بصحتها ولم أقف على تصحيح أحد لها من الأئمة، فأتورع عن ذكرها حتى لا أنسب إلى النبي - ﷺ - ما لم يقله.
والله أعلم
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٤١.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ٩١-٩٣.
(٤) سورة الأنعام، الآية: ١٥١-١٥٣.
(٥) كما في تفسير الجامع لأحكام القرآن ٦/٣٥٨-٣٥٩.
(٦) سورة الأنعام، الآية: ١٤٠.
(٧) أخرجه البخاري ٦/٥٥١ (٣٥٢٤).