قال تعالى: في وصية للناس في آية الأنعام: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ (١).
قال الطبري رحمه الله: «يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ ولا تقربوا ماله إلا بما فيه صلاحه وتثميره» (٢). قال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك وعامر: حتى يبلغ أشده: يعني الحلم (٣).
وقال ابن الجوزي رحمه الله: قوله: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ ﴾ لأن الطمع فيه لقلة مراعيه وضعف مالكه أقوى، وفي قوله: ﴿ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ أربعة أقوال:
أحدها: أنه أكل الوصي المصلح للمال بالمعروف وفق حاجته. قاله ابن عباس وابن زيد.
ثانيًا: التجارة فيه. قاله سعيد بن جبير ومجاهد والضحاك والسدي.
الثالث: حفظه له إلى وقت تسليمه إليه. قاله ابن السائب.
الرابع: أنه حفظه عليه وتثميره له، قاله الزجاج، إلى قوله: والأشد استحكام قوة الشباب والسن. قال ابن قتيبة: ومعنى الآية: حتى يتناهى في النبات إلى حج الرجال (٤). وقال القرطبي رحمه الله: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ أي: بما فيه صلاحه وتثميره، وذلك بحفظ أصوله وتثمير فروعه. وهذا أحسن الأقوال في هذا؛ فإنه جامع (٥).
قلت: وهناك أقوال أخرى أعرضت عن ذكرها لبعدها في نظري عن مفهوم الآية.. والله أعلم.

(١) سورة الأنعام، الآية: ١٥٢.
(٢) كما في تفسيره ٨/٦٢.
(٣) المصدر السابق.
(٤) زاد المسير ٣/١٤٩.
(٥) كما في تفسيره ٧/١٣٣.


الصفحة التالية
Icon