قال القرطبي رحمه الله تعالى: «قال الجمهور: إن المراد للأوصياء الذين يأكلون ما لم يبح لهم من مال اليتيم، وسمى المأكول نارًا بما يؤول إليه، وقيل: نارًا أي حرامًا؛ لأن الحرام يوجب النار فسمَّاه باسمه ﴿ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ الصلي: التسخين بقرب النار وبمباشرتها، والسعير: الجمر المشتعل (١)، وعدَّه النبي - ﷺ - من الموبقات كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ - :«اجتنبوا السبع الموبقات». قالوا: يا رسول الله، ما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات» (٢). قال النووي رحمه الله: أما الموبقات فهي المهلكات، يقال: وبق الرجل بفتح الباء: يبق بكسرها، ووبق - بضم الواو وكسر الباء-: يوبق: إذا هلك. وأوبق غيره أي أهلكه (٣).
قال الذهبي رحمه الله: قال العلماء: فكل ولي ليتيم إذا كان فقيرًا فأكل من ماله بالمعروف بقدر قيامه عليه في مصالحه وتنميته ماله فلا بأس عليه، وما زاد على المعروف فسُحت حرام. يقول تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ (٤) (٥).
* * *
الباب الثاني
في اتباع الأوامر التي جاءت في الوصايا العشر
الفصل الأول: الأمر بالوفاء في الكيل والميزان.
الفصل الثاني: في الأمر بالعدل بين الناس.
الفصل الثالث: الوفاء بالعهد.
الفصل الرابع: الأمر باتباع الصراط المستقيم.

(١) كما في تفسيره ٥/٥٨-٥٩ وقد اختصرت كلامه وضربت صفحًا عن سبب النزول لأنني لم أجد شيئًا عن الصحابة وكذلك الوجوه الإعرابية والقراءات تجبنبًا للإطالة.
(٢) أخرجه البخاري ١٢/٨١ (٦٨٥٧) ومسلم ١/٩٢ (٨٩).
(٣) كما في شرح مسلم ٢/٨٤.
(٤) كما في كتاب الكبائر ص٩٥-٩٦.
(٥) سورة النساء، الآية: ٦.


الصفحة التالية
Icon