قال القرطبي رحمه الله: اختلف في المغضوب عليهم والضالين من هم؟ فالجمهور أن المغضوب عليهم: اليهود، والضالين: النصارى (١). وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: خطَّ لنا رسول الله - ﷺ - خطًّا مستقيمًا، وخط خطوطًا عن يمينه وعن شماله، فقال: «هذا سبيل الله وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه وتلا قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ » (٢).
قال ابن مسعود: لمَّا رأى قومًا جلوسًا بالمسجد ومعهم حصى في أيديهم يكبرون ويهللون ويسبحون به فقال: (ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تُكسر، والذي نفسي بيده إنكم على ملة هي أهدى من ملة محمد - ﷺ - أو مفتتحو باب ضلالة قالوا: والله ما أردنا إلا الخير، قال: «كم من مريد للخير لم يصبه») (٣). وعن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله - ﷺ - :«إني قد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك» (٤).
تنبيه:
اشتهر على الألسنة لفظ: (تركتكم على المحجة البيضاء) ولفظ المحجة لم أقف عليه فلا ينبغي نسبته إلى النبي - ﷺ - إلا بعد ثبوته.
قال مجاهد رحمه الله: ولا أدري أي النعمتين أعظم أن هداني للإسلام وعافاني من هذه الأهواء (٥).

(١) كما في تفسيره ٣/١٩٣٧.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٥٣.
(٣) أخرجه الدارمي ١/٦٨ وصححه الألباني في الصحيحة ٥/١١.
(٤) أخرجه أحمد ٤/١٢٦ وعن أبي عاصم في السنة ٢٩/٢٧.
(٥) ذكره القرطبي في تفسيره ٨/٦٥.


الصفحة التالية
Icon