٢- قوله تعالى ( طاعة وقول معروف ) جاء مثله في القرآن الكريم في موضعين آخرين أيضاً، والسياق واحد، فإنها جميعاً في المنافقين. قال تعالى في سورة النساء :﴿ ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيّت طائفة منهم غير الذي تقول ﴾ ( النساء : ٨١ ). وقال تعالى في سورة النور :﴿ قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون ﴾ ( النور : ٥٣ ).
ويدل ذلك على أن قوله ( طاعة ) من التعبيرات الدائرة في كلام العرب على وجه الحذف والاختصار، فيكون القول في تفسيرها واحداً في المواضع الثلاثة، ويقدر المحذوف حسب السياق في كل موضع.
٣- " أولى لك " أيضاً من التعبيرات القديمة المشهورة في كلام العرب، ويلقى النحاة عناء كبيراً من مثل هذه التعبيرات لقدمها ولما بنيت عليه من الحذف والاختصار، فتشتجر آراؤهم في تحليل أجزائها وبيان دلالتها، لكن مواقع استعمالها تكون معلومة للعامة والخاصة لكثرة جريانها في كلامهم. فمن التعسف البالغ أن يصرف مثل هذا التعبير عن ظاهره إلى معنى لم تثبت دلالته عليه، ثم يزعم بأن اللام بمعنى الباء !
... وبالجملة فإن القول الذي اختاره ابن كثير -رحمه الله- في تفسير سورة القتال، وسورة القيامة -وهو أن "أولى له" بمعنى "أولى به" - لا أصل له في كلام العرب، وهو مخالف لأسلوب القرآن الذي التزم الباء في كل موضع جاء فيه " أولى " بمعنى " أحقّ "، وتفسيره لقوله: ﴿ طاعة وقول معروف ﴾ مخالف لنظائره في القرآن أيضاً. فهو قول إلى الضعف أقرب، فكان أولى بالمترجمين -رحمهما الله- أن لا يركنا إليه، بل يعتمدان على ما قال به الأكثرون من علماء التفسير والعربية.
فهرس المراجع
أشرف علي = ترجمة الشيخ أشرف علي التهانوي، سليم بكدبو دلهي، دون تاريخ.
الأضداد لابن الأنباري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الكويت، ١٩٦٠م.
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، دار الفكر، بيروت، ١٤١٢هـ.


الصفحة التالية
Icon