فهذه ثلاث آيات في القرآن تبين أنه قال له ﴿ كن فيكون ﴾ وهذا تفسير كونه كلمة منه وقال اسمه المسيح عيسى بن مريم أخبر أنه ابن مريم وأخبر أنه وجيه في الدنيا والآخرة ومن المقربين وهذه كلها صفة مخلوق والله تعالى وكلامه الذي هو صفته لا يقال فيه شيء من ذلك وقالت مريم ﴿ أنى يكون لي ولد ﴾ فبين أن المسيح الذي هو الكلمة هو ولد مريم لا ولد الله سبحانه وتعالى
وقال في سورة النساء ﴿ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ﴾
فقد نهى النصارى عن الغلو في دينهم وأن يقولوا على الله غير الحق وبين أن ﴿ المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ﴾ وأمرهم أن يؤمنوا بالله ورسله فبين أنه رسوله ونهاهم أن يقولوا ثلاثة وقال انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد وهذا تكذيب لقولهم في المسيح أنه إله حق من إله حق من جوهر أبيه ثم قال ﴿ سبحانه أن يكون له ولد ﴾ فنزه نفسه وعظمها أن يكون له ولد كما تقوله النصارى ثم قال ﴿ له ما في السماوات وما في الأرض ﴾ فأخبر أن ذلك ملك ليس له فيه شيء من ذاته ثم قال ﴿ لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ﴾ أي لن يستنكفوا أن يكونوا عبيدا لله تبارك وتعالى فمع ذلك البيان الواضح الجلي هل يظن ظان أن مراده بقوله وكلمته أنه إله خالق أو أنه صفة لله قائمة به وأن قوله ﴿ وروح منه ﴾ المراد به أنه حياته أو روح منفصلة من ذاته
ثم نقول أيضا أما قوله وكلمته فقد بين مراده أنه خلقه ب كن وفي لغة العرب التي نزل بها القرآن أن يسمى المفعول باسم المصدر فيسمى المخلوق خلقا لقوله ﴿ هذا خلق الله ﴾ ويقال درهم ضرب الأمير أي مضروب الأمير ولهذا يسمى المأمور به أمرا والمقدور قدرة وقدرا والمعلوم علما والمرحوم به رحمة
كقوله تعالى ﴿ وكان أمر الله قدرا مقدورا ﴾ وقوله ﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه ﴾

__________


الصفحة التالية
Icon