وقوله ﴿ لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ﴾ وقوله ﴿ ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ﴾ وقوله ﴿ وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ﴾ وقوله ﴿ ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين ﴾ وقوله تعالى ﴿ ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون ﴾ وقوله ﴿ ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم ﴾ وقوله ﴿ ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ﴾
ومثل هذا كثير وحيث لم يذكر القسم فهو محذوف مراد تقدير الكلام والله لئن أخرجوا لا يخرجون معهم والله ولئن قوتلوا لا ينصرونهم
ومن محاسن لغة العرب أنها تحذف من الكلام ما يدل المذكور عليه اختصارا وإيجازا لا سيما فيما يكثر استعماله كالقسم وقوله ﴿ لما آتيتكم من كتاب وحكمة ﴾ هي ما الشرطية والتقدير أي شيء أعطيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ولا تكتفوا بما عندكم عما جاء به ولا يحملنكم ما آتيتكم من كتاب وحكمة على أن تتركوا متابعته بل عليكم أن تؤمنوا به وتنصروه وإن كان معكم من قبله من كتاب وحكمة فلا تستغنوا بما آتيتكم عما جاء به فإن ذلك لا ينجيكم من عذاب الله
فدل ذلك على أن من أدرك محمدا من الأنبياء وأتباعهم وإن كان معه كتاب وحكمة فعليه أن يؤمن بمحمد وينصره كما قال ﴿ لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ﴾ وقد أقر الأنبياء بهذا الميثاق وشهد الله عليهم به كما قال تعالى ﴿ أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ﴾ ثم قال تعالى ﴿ فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ﴾ ثم قال تعالى ﴿ أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ﴾ ثم قال