نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه والقسط بيده الأخرى يقبض ويبسط فبين أنه سبحانه وتعالى يحسن ويعدل ولا يخرج فعله عن العدل والإحسان ولهذا قيل كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل
ولهذا يخبر أنه تعالى يعاقب الناس بذنوبهم وأن إنعامه عليهم إحسان منه كما في الحديث الصحيح الإلهي يقول الله تعالى يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه
وقد قال تعالى ﴿ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ﴾ سورة النساء ٧٩ أي ما أصابك من نعم تحبها كالنصر والرزق فالله أنعم بذلك عليك وما أصابك من نقم تكرهها فبذنوبك وخطاياك فالحسنات والسيئات هنا أراد بها النعم والمصائب كما قال تعالى ﴿ وبلوناهم بالحسنات والسيئات ﴾ سورة الأعراف ٦٨ وكما قال تعالى ﴿ إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ﴾ سورة التوربة ٥٠ وقوله تعالى ﴿ إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ﴾ سورة آل عمران ١٢٠ ومثل هذا قوله تعالى ﴿ وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ﴾ سورة الروم ٣٦ فأخبر أن ما يصيب به الناس من الخير فهو رحمة منه أحسن بها إلى عباده وما أصابهم به من العقوبات فبذنوبهم وتمام الكلام على هذا مبسوط في مواضع آخر
وكذلك الحكمة أجمع المسلمون على أن الله تعالى موصوف بالحكمة لكن تنازعوا في تفسير ذلك
فقالت طائفة الحكمة ترجع إلى علمه بأفعال العباد وإيقاعها على الوجه الذي أراده

__________


الصفحة التالية
Icon