والقرآن نزل بلغة الذين خاطبهم الرسول ﷺ فليس لأحد أن يستعمل ألفاظه في معان بنوع من التشبيه والاستعارة ثم يحمل كلام من تقدمه على هذا الوضع الذي أحدثه هو
وأيضا فإنه قال تعالى ﴿ فلما جن عليه الليل رأى كوكبا ﴾ الأنعام ٧٦ فذكره منكرا لأن الكواكب كثيرة ثم قال ﴿ فلما رأى القمر ﴾ الأنعام ٧٧ ﴿ فلما رأى الشمس ﴾ سورة الأنعام ٧٨ بصيغة التعريف لكي يبين أن المراد القمر المعروف والشمس المعروفة وهذا صريح بأن الكواكب متعددة وأن المراد واحد منها وأن الشمس والقمر هما هذان المعروفان
وايضا فإن قال ﴿ لا أحب الآفلين ﴾ والأفول هو المغيب والاحتجاب فإن أريد بذلك المغيب عن الأبصار الظاهرة فما يدعونه من العقل والنفس لا يزال محتجبا عن الأبصار لا يرى بحال بل وكذلك واجب الوجوب عندهم لا يرى بالأبصار بحال بل تمتنع رؤيته بالأبصار عندهم
وإن أراد المغيب عن بصائر القلوب فهذا أمر نسبي إضافي فيمكن أن تكون تارة حاضرة في القلب وتارة غائبة عنه كما يمكن مثل ذلك في واجب الوجود فالأفول أمر يعود إلى حال العارف بها لا يكسبها صفة نقص ولا كمال ولا فرق في ذلك بينها وبين غيرها
وأيضا فالعقول عندهم عشرة والنفوس تسعة بعدد الأفلاك
فلو ذكر القمر والشمس فقط لكانت شبهتهم أقوى حيث يقولون نور القمر مستفاد من نور الشمس كما أن النفس متولدة عن العقل مع ما في ذلك لو ذكروه من الفساد أما مع ذكر كوكب فقولهم هذا من أظهر الأقوال للقرامطة الباطنية فسادا لما في ذلك من عدم الشبه والمناسبة التي تسوغ في اللغة إرادة مثل هذا فصل الأنبياء أفضل الخلق
قال تعالى ﴿ ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ﴾ ﴿ ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ﴾ سورة الأنعام ٨٤ ٨٧ فأخبر أنه اجتباهم وهداهم
والأنبياء أفضل الخلق باتفاق المسلمين وبعدهم الصديقون والشهداء