عبيد فهو أفضل كفضل السابقين المقربين على الأبرار أصحاب اليمين وكثير ممن يرى هذه العجائب الخارقة يعتقد أنها من كرامات الأولياء وكثير من أهل الكلام والعلم لم يعرفوا الفرق بين الأنبياء والصالحين في الآيات الخارقة وما لأولياء الشيطان من ذلك من السحرة والكهان والكفار من المشركين وأهل الكتاب وأهل البدع والضلال من الداخلين في الإسلام جعلوا الخوارق جنسا واحدا وقالوا كلها يمكن أن تكون معجزة إذا اقترنت بدعوى النبوة والاستدلال بها والتحدي بمثلها
وإذا ادعى النبوة من ليس بنبي من الكفار والسحرة فلا بد أن يسلبه الله ما كان معه من ذلك وأن يقيض له من يعارضه ولو عارض واحد من هؤلاء النبي لأعجزه الله فخاصة المعجزات عندهم مجرد كون المرسل إليهم لا يأتون بمثل ما أتى به النبي كان معتادا للناس قالوا إن عجز الناس عن المعارضة خرق عادة فهذه هي المعجزات عندهم وهم ضاهوا سلفهم من المعتزلة الذين قالوا المعجزات هي خرق العادة لكن أنكروا كرامات الصالحين وأنكروا أن يكون السحر والكهانة من جنس الشعبذة وحيل لم يعلموا أن الشياطين تعين على ذلك وأولئك أثبتوا الكرامات ثم زعموا أن المسلمين أجمعوا على أن هذه لا تكون إلا لرجل صالح أو نبي قالوا فإذا ظهرت على يد رجل كان صالحا بهذا الإجماع وهؤلاء أنفسهم قد ذكروا أنها تكون للسحرة ما هو مثلها وتناقضوا في ذلك كما قد بسط في غير هذا الموضع
فصار كثير من الناس لا يعلمون ما للسحرة والكهان وما يفعله الشياطين من العجائب وظنوا أنها لا تكون إلا لرجل صالح فصار من ظهرت هذه له يظن أنها كرامة فيقوى قلبه بأن طريقته هي طريقة الأولياء وكذلك غيرهم يظن فيه ذلك ثم يقولون الولي إذا تولى لا يعترض عليه فمنهم من يراه مخالفا لما علم بالاضطرار من دين الرسول مثل ترك الصلاة المفروضة وأكل الخبائث كالخمر والحشيشة والميتة وغير ذلك وفعل الفواحش والفحش والتفحش في المنطق وظلم الناس وقتل النفس بغير حق والشرك بالله وهو مع ذلك يظن فيه أنه ولي من أولياء الله قد وهبه هذه الكرامات بلا عمل فضلا من الله تعالى ولا يعلمون أن هذه من أعمال الشياطين وأن هذه من أولياء الشياطين يضل به الناس ويغويهم
ودخلت الشياطين في أنواع من ذلك
فتارة يأتون الشخص في النوم يقول أحدهم أنا أبو بكر الصديق وأنا أتوبك لي وأصير شيخك وأنت تتوب الناس لي ويلبسه فيصبح وعلى رأسه ما ألبسه فلا يشك أن الصديق هو الذي جاءه ولا يعلم أنه الشيطان وقد جرى مثل هذا لعدد من المشايخ بالعراق والجزيرة والشام وتارة يقص شعره في النوم فيصبح فيجد شعره مقصوصا وتارة يقول أنا الشيخ فلان فلا يشك أن الشيخ نفسه جاءه وقص شعره