إذا أراد الله هدايته أدخل الإيمان في قلبه والله تعالى بعث الرسل بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتعليلها والنبي ﷺ دعا الخلق بغاية الإمكان ونقل كل شخص إلى خير مما كان عليه بحسب الإمكان ﴿ ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون ﴾ وأكثر المتكلمين يردون باطلا بباطل وبدعة ببدعة لكن قد يردون باطل الكفار من المشركين وأهل الكتاب بباطل المسلمين فيصير الكافر مسلما مبتدعا وأخص من هؤلاء من يرد البدع الظاهرة كبدعة الرافضة ببدعة أخف منها وهي بدعة أهل السنة وقد ذكرنا فيما تقدم أصناف البدع
ولا ريب أن المعتزلة خير من الرافضة ومن الخوارج فإن المعتزلة تقر بخلافة الخلفاء الأربعة وكلهم يتولون أبا بكر وعمر وعثمان وكذلك المعروف عنهم أنهم يتولون عليا ومنهم من يفضله على أبي بكر وعمر ولكن حكي عن بعض متقدميهم أنه قال فسق يوم الجمل إحدى الطائفتين ولا أعلم عينها وقالوا أنه قال لو شهد علي والزبير لم أقبل شهادتهما لفسق أحدهما لا بعينه ولو شهد علي مع آخر ففي قبول شهادته قولان وهذا القول شاذ فيهم والذي عليه عامتهم تعظيم علي
ومن المشهور عندهم ذم معاوية وأبي موسى وعمرو بن العاص لأجل علي ومنهم من يكفر هؤلاء ويفسقهم بخلاف طلحة والزبير وعائشة فإنهم يقولون أن هؤلاء تابوا من قتاله وكلهم يتولى عثمان ويعظمون أبا بكر وعمر ويعظمون الذنوب فهو يتحرون الصدق كالخوارج لا يختلقون الكذب كالرافضة ولا يرون أيضا اتخاذ دار غير دار الإسلام كالخوارج ولهم كتب في تفسير القرآن ونصر الرسول ولهم محاسن كثيرة يترجحون على الخوارج والروافض وهو قصدهم إثبات توحيد الله ورحمته وحكمته وصدقه وطاعته وأصولهم الخمس على هذه الصفات الخمس لكنهم غلطوا في بعض ما قالوه في كل واحد من أصولهم الخمس فجعلوا من التوحيد نفي الصفات وإنكار الرؤية والقول بأن القرآن مخلوق فوافقوا في ذلك الجهمية وجعلوا من العدل أنه لا يشاء ما يكون ويكون ما لا يشاء وأنه لم يخلق أفعال العباد فنفوا قدرته ومشيئته وخلقه لإثبات العدل وجعلوا من الرحمة نفي أمور خلقها لم يعرفوا ما فيها من الحكمة وكذلك هم الخوارج قالوا بإنفاذ الوعيد ليثبتوا أن الرب صادق لا يكذب إذا كان عندهم قد أخبر بالوعيد العام فمتى لم يقل بذلك لزم كذبه وغلطوا في فهم الوعيد وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسيف قصدوا به طاعة الله ورسوله كما يقصده الخوارج والزيدية فغلطوا في ذلك وكذلك إنكارهم للخوارق غير المعجزات قصدوا به إثبات النبوة ونصرها وغلطوا فيما سلكوه فإن النصر لا يكون بتكذيب الحق وذلك لكونهم لم يحققوا خاصة آيات الأنبياء ولأشعرية ما ردوه من بدع المعتزلة والرافضة والجهمية وغيرهم وبينوا ما بينوه من تناقضهم وعظموا الحديث والسنة ومذهب الجماعة فحصل بما قالوه من بيان تناقض