وإلا فلو كان لأبي المعالي وأمثاله بذلك علم راسخ وكانوا قد عضوا عليه بضرس قاطع لكانوا ملحقين بأئمة المسلمين لما كان فيهم من الاستعداد لأسباب الاجتهاد ولكن اتبع أهل الكلام المحدث والرأي الضعيف للظن وما تهوى الأنفس الذي ينقص صاحبه إلى حيث جعله الله مستحقا لذلك وإن كان له من الاجتهاد في تلك الطريقة ما ليس لغيره فليس الفضل بكثرة الاجتهاد ولكن بالهدى والسداد كما جاء في الأثر ما ازداد مبتدع اجتهادا إلا ازداد من الله بعدا وقد قال النبي ﷺ في الخوارج يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ويوجد لأهل البدع من أهل القبلة لكثير من الرافضة والقدرية والجهمية وغيرهم من الاجتهاد ما لا يوجد لأهل السنة في العلم والعمل وكذلك لكثير من أهل الكتاب والمشركين لكن إنما يراد الحسن من ذلك كما قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى ﴿ ليبلوكم أيكم أحسن عملا ﴾ قال أخلصه وأصوبه فقيل له يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه فقال إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة
وأما الشافعي رضي الله عنه فقد روى الأحاديث التي تتعلق بغرض كتابه مثل حديث النزول وحديث معاوية بن الحكم السلمي الذي فيه قول رسول الله ﷺ للجارية أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة وقد رواه مسلم في صحيحه بل روى في كتابه الكبير الذي اختصر منه مسنده من الحديث ما هو من أبلغ أحاديث الصفات ورواه بإسناد فيه ضعف فقال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني موسى بن عبيدة حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عبيد الله بن عمير أنه سمع أنس بن مالك يقول أتى جبريل بمرآة بيضاء فيها نكتة إلى النبي ﷺ فقال النبي ﷺ ما هذه قال هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد قال النبي ﷺ يا جبريل وما يوم المزيد قال إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثب مسك فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله عز وجل ما شاء من ملائكته وحوله منابر من نور عليها مقاعد للنبيين وحفت تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة