١٧٩ بسم الله الرحمن الرحيم سورة التوبة فصل سئل شيخ الإسلام رحمه الله
عن قوله تعالى ﴿ وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ﴾ فسماه هنا كلام الله وقال في مكان آخر ﴿ إنه لقول رسول كريم ﴾ فما معنى ذلك فإن طائفة ممن يقول بالعبارة يدعون أن هذا حجة لهم ثم يقولون أنتم تعتقدون أن موسى صلوات الله عليه سمع كلام الله عز وجل حقيقة من الله من غير واسطة وتقولون إن الذي تسمعونه كلام الله حقيقة وتسمعونه من وسائط بأصوات مختلفة فما الفرق بين هذا وهذا وتقولون أن القرآن صفة لله تعالى فما الفرق بين هذا وهذا وتقولون إن القرآن صفة لله تعالى وإن صفات الله تعالى قديمة فإن قلتم أن هذا نفس كلام الله تعالى فقد قلتم بالحلول وأنتم تكفرون الحلولية والاتحادية وإن قلتم غير ذلك قلتم بمقالتنا ونحن نطلب منكم في ذلك جوابا نعتمد عليه إن شاء الله تعالى
فأجاب الحمد لله رب العالمين هذه الآية حق كما ذكر الله وليست إحدى الآيتين معارضة للأخرى بوجه من الوجوه ولا في واحدة منهما حجة لقول باطل وإن كان كل من الآيتين قد يحتج بها بعض الناس على قول باطل وذلك أن قوله ﴿ وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ﴾ فيه دلالة على أن يسمع كلام الله من التالي المبلغ وأن ما يقرؤه المسلمون هو كلام الله كما في حديث جابر في السنن أن النبي ﷺ كان يعرض نفسه على الناس في الموقف ويقول ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي فإن قريشا منعوني أن أبلغ كلام ربي وفي حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه لما خرج