وأما كونهم أهلكوا كلهم وصارت بيوتهم خاوية وصاروا عبرة يذكرون بالشر ويلعنون إنما يخاف ذلك من آمن بالآخرة فإن لعنة المؤمنين لهم بالآخرة وبغضهم لهم كما جرى لآل فرعون هو مما يزيدهم عذابا كما أن لسان الصدق وثناء الناس ودعاءهم للأنبياء واتباعهم لهم هو مما يزيدهم ثوابا
فمن استدل بما أصاب هؤلاء على صدق الأنبياء فآمن بالآخرة خاف عذاب الآخرة وكان ذلك له آية وأما من لم يؤمن بالآخرة ويظن أن من مات لم يبعث فقد لا يبالي بمثل هذا وإن كان يخاف هذا من لا يخاف الآخرة لكن كل من خاف الآخرة كان هذا حاله وذلك له آية
وقد ختم السورة بقوله ﴿ وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون ﴾ إلى آخرها كما افتتحها بقوله ﴿ أن لا تعبدوا إلا الله ﴾ فذكر التوحيد والإيمان بالرسل فهذا دين الله في الأولين والآخرين قال أبو العالية كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين
ولهذا قال ﴿ ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين ﴾ و ﴿ أين شركائي الذين كنتم تزعمون ﴾ هو الشرك في العبادة وهذان هما الإيمان والإسلام وكان النبي ﷺ يقرأ تارة في ركعتي الفجر سورتي الإخلاص وتارة بآيتي الإيمان والإسلام فيقرأ قوله ﴿ آمنا بالله وما أنزل إلينا ﴾ الآية فأولها الإيمان وآخرها الإسلام ويقرأ في الثانية ﴿ قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ﴾ فأولها إخلاص العبادة لله وآخرها الإسلام له
وقال ﴿ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون ﴾ ففيها الإيمان والإسلام في آخرها وقال ﴿ الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ﴾

__________


الصفحة التالية
Icon