في طرده الكلام على ما يتعلق بهذه الآية وغيرها فقال وأما الجواب المفصل فمن ثلاثة أوجه
أحدها أن هذه الآية في أزواج النبي ﷺ خاصة في قول كثير من أهل العلم فروى هشيم عن العوام بن حوشب ثنا شيخ من بني كاهل قال فسر ابن عباس سورة النور فلما أتى على هذه الآية ﴿ إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ﴾ إلى آخر الآية قال هذه في شأن عائشة وأزواج النبي ﷺ خاصة وهي مبهمة ليس فيها توبة ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة ثم قرأ ﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ﴾ إلى قوله ﴿ إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ﴾ فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأولئك توبة قال فهم رجل أن يقوم فيقبل رأسه من حسن ما فسر
وقال أبو سعيد الأشج حدثنا عبد الله بن خراش عن العوام عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس ﴿ إن الذين يرمون المحصنات الغافلات ﴾ نزلت في عائشة خاصة واللعنة في المنافقين عامة فقد بين ابن عباس أن هذه الآية إنما نزلت فيمن يقذف عائشة وأمهات المؤمنين لما في قذفهن من الطعن على رسول الله ﷺ وعيبه فإن قذف المرأة أذى لزوجها كما هو أذى لابنها لأنه نسبة له إلى الدياثة وإظهار لفساد فراشه فإن زنا امرأته يؤذيه أذى عظيما ولهذا جوز له الشارع أن يقذفها إذا زنت ودرأ الحد عنه باللعان ولم يبح لغيره أن يقذف امرأة بحال
ولعل ما يلحق بعض الناس من العار والخزي بقذف أهله أعظم مما يلحقه لو كان هو المقذوف ولهذا ذهب الإمام أحمد في إحدى الروايتين المنصوصتين عنه إلى أن من قذف امرأة غير محصنة كالأمة والذمية ولها زوج أو ولد محصن حد لقذفها لما ألحقه من العار بولدها وزوجها المحصنين والرواية الأخرى عنه وهي قول الأكثرين أنه لا حد عليه لأنه أذى لهما لا قذف لهما والحد التام إنما يجب بالقذف وفي جانب النبي ﷺ بعيب أزواجه فهو منافق وهذا معنى قول ابن عباس اللعنة في المنافقين عامة
وقد وافق ابن عباس جماعة فروى الإمام أحمد والأشج عن خصيف قال سألت سعيد بن جبير فقلت الزنا أشد أو قذف المحصنة قال لا بل الزنا قال قلت فإن الله تعالى يقول ﴿ إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ﴾