مهاجرة قذفها المشركون من أهل مكة وقالوا إنها خرجت تفجر فعلى يكون يكون فيمن قذف المؤمنات قذفا يصدهن به عن الإيمان ويقصد بذلك ذم المؤمنين لينفر الناس عن الإسلام كما فعل كعب بن الأشرف وعلى هذا فمن فعل ذلك فهو كافر وهو بمنزلة من سب النبي ﷺ
وقوله إنها نزلت زمن العهد يعني والله أعلم أنه عنى بها مثل أولئك المشركين المعاهدين وإلا فهذه الآية نزلت ليالي الإفك في غزوة بني المصطلق قبل الخندق والهدنة كانت بعد ذلك بسنتين
ومنهم من أجراها على ظاهرها وعمومها لأن سبب نزولها قذف عائشة وكان فيمن قذفها مؤمن ومنافق وسبب النزول لا بد أن يندرج في العموم ولأنه لا موجب لتخصيصها والجواب على هذا التقدير أنه سبحانه قال هنا ﴿ لعنوا في الدنيا والآخرة ﴾ على بناء الفعل للمفعول ولم يسم اللاعن وقال في الآية الأخرى ﴿ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ﴾ وإذا لم يسم الفاعل جاز أن يلعنهم غير الله من الملائكة والناس وجاز أن يلعنهم الله في وقت ويلعنهم بعض خلقه في وقت وجاز أن الله يتولى لعنة بعضهم وهو من كان قذفه طعنا في الدين ويتولى خلقه لعنة الآخرين وإذا كان اللاعن مخلوقا فلعنه قد يكون بمعنى الدعاء عليهم وقد يكون بمعنى أنهم يبعدونهم عن رحمة الله
ويؤيد هذا أن الرجل إذا قذف امرأته تلاعنا وقال الزوج في الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فهو يدعو على نفسه إن كان كاذبا في القذف أن يلعنه الله كما أمر الله ورسوله أن يباهل من حاجة في المسيح بعد ما جاءه من العلم بأن يبتهلوا فيجعلوا لعنة الله على الكاذبين فهذا مما يعلن به القاذف ومما يلعن به أن يجلد وأن ترد شهادته ويفسق فإنه عقوبة له وإقصاء له عن مواطن الأمن والقبول وهي من رحمة الله وهذا بخلاف من أخبر الله أنه لعنه في الدنيا والآخرة فإن لعنة الله توجب زوال النصر عنه من كل وجه وبعده عن أسباب الرحمة في الدارين
ومما يؤيد الفرق أنه قال ﴿ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ﴾ ولم يجيء إعداد العذاب المهين في القرآن إلا في حق الكفار كقوله ﴿ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ﴾ وقوله ﴿ وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا ﴾