الذي في الزجاجة وغيره وهي النور الذي ضرب الله به المثل ومثل القمر فإن الله سماه نورا فقال ﴿ جعل الشمس ضياء والقمر نورا ﴾ ولاريب أن النار جسم لطيف شفاف وأعراض مثل ما يقع من شعاع الشمس والقمر والنار على الأجسام الصقيلة وغيرها فإن المصباح إذا كان في البيت أضاء جوانب البيت فذلك النور والشعاع الواقع على الجدر والسقف والأرض هو عرض وهو كيفية قائمة بالجسم
وقد يقال ليس الصفة القائمة بالنار والقمر ونحوهما نورا فيكون الاسم على الجوهر تارة وعلى صفة أخرى ولهذا يقال لضوء النهار نور كما قال تعالى ﴿ وجعل الظلمات والنور ﴾ ومن هذا تسمية الليل ظلمة والنهار نورا فإنهما عرضان وقد قيل هما جوهران وليس هذا موضع بسط ذلك فتبين أن اسم النور يتناول هذين والمعترض ذكر أولا حد العرض وذكر ثانيا حد الجسم فتناقض وكأنه أخذ ذلك من كلامي ولم يهتدوا لوجه الجمع وكذلك اسم الحق يقع على ذات الله تعالى وعلى صفاته القدسية القديمة كقول النبي ﷺ أنت الحق وقولك الحق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق
وأما قول المعترض النور ضد الظلمة وجل الحق أن يكون له ضد فيقال له لم تفهم معنى الضد المنفي عن الله فإن الضد يراد به ما يمنع ثبوت الآخر كما يقال في الأعراض المتضادة مثل السواد والبياض ويقول الناس الضدان لا يجتمعان ويمتنع اجتماع الضدين وهذا التضاد عند كثير من الناس لا يكون إلا في الأعراض وأما الأعيان فلا تضاد فيها فيمتنع عند هذا أن يقال لله ضد أو ليس له ضد ومنهم من يقول يتصور التضاد فيها والله تعالى ليس له ضد يمنع ثبوته ووجوده بلا ريب بل هو القاهر الغالب الذي لا يغلب
وقد يراد بالضد المعارض لأمره وحكمه وإن لم يكن مانعا من وجود ذاته كما قال النبي ﷺ
من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره رواه أبو داود وتسمية المخالف لأمره وحكمه ضدا كتسميته عدوا وبهذا الاعتبار فالمعادون المضادون لله كثيرون فأما على التفسير الأول فلا ريب أنه ليس في نفس الأمر مضادا لله لكن المضاد يقع

__________


الصفحة التالية
Icon