والمعاد والخلق والأمر وهما القدرة والشرع وتضمنت إثبات السبب وكون العبد فاعلا مريدا حقيقة وأن فاعليته ومشيئته إنما هي بمشيئة الله ففيها الرد على الطائفتين القدرية والجبرية وفيها ذكر أقسام بني آدم كلهم فأنهم أما أهل شمال وهم الكفار أو أهل يمين وهم نوعان أبرار ومقربون وذكر سبحانه أن شراب الابرار يمزج من شراب عباده المقربين لأنهم مزجوا أعمالهم ويشربه المقربون صرفا خالصا كما أخلصوا أعمالهم وجعل سبحانه شراب المقربين من الكافور الذي فيه من التبريد والقوة ما يناسب برد اليقين وقوته لما حصل لقلوبهم ووصل إليها في الدنيا مع ما في ذلك من مقابلته للسعير
وأخبر سبحانه أن لهم شرابا آخر ممزوجا من الزنجبيل لما فيه من طيب الرائحة ولذة الطعم والحرارة التي توجب تغير برد الكافور واذابة الفضلات وتطهير الاجواف ولهذا وصفه سبحانه بكونه شرابا طهورا أي مطهرا لبطونهم
فوصفهم سبحانه بجمال الظاهر والباطن كما قال ﴿ ولقاهم نضرة وسرورا ﴾ الآية ١١ فالنضرة جمال وجوههم والسرور جمال قلوبهم كما قال ﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم ﴾ سورة المطففين ٢٤
وقريب من هذا قول امرأة العزيز في يوسف ﴿ فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ﴾ سورة يوسف ٣٢ فأخبرت بجمال ظاهره حين أشارت إليه بالخروج عليهن ثم ضمت إلى ذلك اخبارهم بأن باطنه أجمل من ظاهره بأني راودته فأبى إلا العفة والحياء والاستعصام
ثم ذكر سبحانه من أعمال الأبرار ما ينتبه سامعه على جمعهم لأعمال البر كلها فذكر سبحانه وفاءهم بالنذر وخوفهم من ربهم واطعامهم الطعام على محبتهم له واخلاصهم لربهم في طاعتهم
وذكر سبحانه الوفاء بالنذر وهو أضعف الواجبات فإن العبد هو الذي اوجبه على نفسه التزامه فهو دون ما أوجبه الله سبحانه وعليه فإذا ( وفى ) لله بأضعف الواجبين الذي التزمه هو فهو بأن يوفى بالواجب الاعظم الذي اوجبه الله عليه أولى وأحرى