بنفسه عليه وهو متمكن منه كما كان أهل المدينة يتوعدون أهل مكة بأن طريقكم علينا لما تهددوهم بأنكم آويتم محمدا وأصحابه كما قال أبو جهل لسعد بن معاذ لما ذهب سعد إلى مكة إلا أراك تطوف بالبيت أمنا وقد آويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم فقال لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه طريقك على المدينة أو نحو هذا
فذكر أن طريقهم في متجرهم إلى الشام عليهم فيتمكنون حينئذ من جزائهم
ومثل هذا المعنى لا يقال في حق الله تعالى فإن الله قادر على العباد حيث كانوا كما قالت الجن ﴿ وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا ﴾ الجن ٧٢ ١٣ وقال ﴿ وما أنتم بمعجزين في الأرض ﴾ العنكبوت ٢٩ ٢٢
فلان أي إليه يصير أمرك فهذا يطابق تفسير مجاهد وغيره من السلف كما قال مجاهد الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه لا يعرج على شيء فطريق الحق على الله وهو الصراط المستقيم الذي قال الله فيه ﴿ هذا صراط علي مستقيم ﴾ كما فسرت به القراءة الأخرى
فالصراط في القرائتين هذا الصراط المستقيم الذي أمر الله المؤمنين أن يسألوه اياه في صلاتهم فيقولوا ﴿ اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ﴾ وهو الذي وصى به في قوله ﴿ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ﴾ الأنعام
وقوله هذا إشارة إلى ما تقدم ذكره وهو قوله ﴿ إلا عبادك منهم المخلصين ﴾ الحجر ١٥ ٤٠ فتعبد العباد له باخلاص الدين له طريق يدل عليه وهو طريق مستقيم ولهذا قال بعده ﴿ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ﴾ الحجر ١٥ ٤٢

__________


الصفحة التالية
Icon