والطاغوت فصار لهذا النوع اسم يخصه وهو الكافر وأبقي اسم الإيمان مختصا بالأول وكذلك لفظ البشارة ونظائر ذلك كثيرة
ثم إنه مع القرينة تارة ومع الإطلاق أخرى يستعمل اللفظ العام في معنيين كما إذا أوصى لذوي رحمه فإنه يتناول أقاربه من مثل الرجال والنساء فقوله تعالى في آية الوضوء ﴿ وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ﴾ يقتضي إيجاب مسمى المسح بينهما وكل واحد من المسح الخاص الخالي عن الإسالة والمسح الذي معه إسالة يسمى مسحا فاقتضت الآية القدر المشترك في الموضعين ولم يكن في لفظ الآية ما يمنع كون الرجل يكون المسح بها هو المسح الذي معه إسالة ودل على ذلك قوله ﴿ إلى الكعبين ﴾ فأمر بمسحهما إلى الكعبين
وأيضا فإن المسح الخاص هو إسالة الماء مع الغسل فهما نوعان المسح العام الذي هو إيصال الماء ومن لغتهم في مثل ذلك أن يكتفي بأحد اللفظين كقولهم علفتها تبنا وماء باردا والماء سقي لا علف وقوله
** ورأيت زوجك في الوغى ** متقلدا سيفا ورمحا **
والرمح لا يتقلد ومنه قوله تعالى ﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس ﴾ إلى قوله ﴿ وحور عين ﴾ فكذلك اكتفى بذكر أحد اللفظين وإن كان مراده الغسل ودل عليه قوله ﴿ إلى الكعبين ﴾ والقراءة الأخرى مع السنة المتواترة
ومن يقول يمسحان بلا إسالة يمسحهما إلى الكعاب لا إلى الكعبين فهو مخالف لكل واحدة من القراءتين كما أنه مخالف للسنة المتواترة وليس معه لا ظاهر ولا باطن ولا سنة معروفة وإنما هو غلط في فهم القرآن وجهل بمعناه وبالسنة المتواترة
وذكر المسح بالرجل مما يشعر بأن الرجل يمسح بها بخلاف الوجه واليد فإنه لا يمسح بهما بحال ولهذا جاء في المسح على الخفين اللذين على الرجلين ما لم يجىء مثله في الوجه واليد ولكن دلت السنة مع دلالة القرآن على المسح بالرجلين
ومن مسح على الرجلين فهو مبتدع مخالف للسنة المتواترة وللقرآن ولا يجوز لأحد أن يعمل بذلك مع إمكان الغسل والرجل إذا كانت ظاهرة وجب غسلها وإذا كانت في الخف كان حكمها مما بينته السنة كما في آية الفرائض فإن السنة بينت حال الوارث إذا كان عبدا أو كافرا أو قاتلا ونظائره متعددة والله سبحانه أعلم