آمنوا في وقت القوة والقدرة فإنهم في حال الكبر غير منقوصين وإن عجزوا عن الطاعات فإن الله يعلم لو لم يسلبهم القوة لم ينقطعوا عن أفعال الخير فهو يجري لهم أجر ذلك
فيقال وهذا أيضا ثابت في حال الشباب إذا عجز الشاب لمرض أو سفر كما في الصحيحين عن أبي موسى عن النبي ﷺ قال إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له من العمل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم
وفسره بعضهم بما روي عن ابن عباس أنه قال من قرأ القرآن فإنه لا يرد إلى ارذل العمر فيقال هذا مخصوص بقارىء القرآن والآية استثنت الذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء قرأوا القرآن أو لم يقرأوه وقد قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها
وأيضا فيقال هرم الحيوان ليس مخصوصا بالانسان بل غيره من الحيوان إذا كبر هرم
وأيضا فالشيخ وان ضعف بدنه فعقله أقوى من عقل الشاب ولو قدر أنه ينقص بعض قواه فليس هذا ردا إلى أسفل سافلين فإنه سبحانه إنما يصف الهرم بالضعف كقوله ﴿ ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ﴾ الروم ٣٠ ٥٤ وقوله ﴿ ومن نعمره ننكسه في الخلق ﴾ يس ٣٦ ٦٨ فهو يعيده إلى حال الضعف ومعلوم أن الطفل ليس هو في أسفل سافلين فالشيخ كذلك أولى
وإنما في أسفل سافلين من يكون في سجين لا في عليين كما قال تعالى ﴿ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ﴾ النساء ٤ ١٤٥
ومما يبين ذلك قوله ﴿ فما يكذبك بعد بالدين ﴾ التين ٩٥ ٧ فإنه يقتضي ارتباط هذا بما قبله لذكره بحرف الفاء ولو كان المذكور إنما هو رده إلى الهرم دون ما بعد

__________


الصفحة التالية
Icon