فذكر سبحانه في هذه الآية التثليث والاتحاد ونهاهم عنهما وبين أن المسيح إنما هو رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وقال ﴿ فآمنوا بالله ورسله ﴾ ثم قال ﴿ ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم ﴾ ولم يذكر هنا أمه وقوله تعالى ﴿ وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ﴾ قال معمر عن قتادة وكلمته ألقاها إلى مريم وهو قوله كن فكان وكذلك قال قتادة ليس الكلمة صار عيسى ولكن بالكلمة صار عيسى وكذلك قال الإمام أحمد بن حنبل في مصنفه الذي صنفه في كتبه في الرد على الجهمية وذكره عنه الخلال والقاضي أبو يعلى قال أحمد ثم إن الجهم ادعى أمرا آخر فقال إنا وجدنا في كتاب الله آية تدل على أن القرآن مخلوق قلنا أي آية
قال قول الله ﴿ إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ﴾
فقلنا إن الله منعكم الفهم في القرآن عيسى عليه السلام تجري عليه ألفاظ لا تجري على القرآن لأن عيسى يجري عليه نسمة ومولود وطفل وصبي وغلام يأكل ويشرب وهو يخاطب بالأمر والنهي يجري عليه الوعد والوعيد هو من ذرية نوح ومن ذرية إبراهيم ولا يحل لنا أن نقول في القرآن ما نقول في عيسى هل سمعتم الله يقول في القرآن ما قول عيسى ولكن المعنى في قوله جل ثناؤه ﴿ إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ﴾ فالكلمة التي ألقاها إلى مريم حين قال له كن فكان عيسى بكن وليس عيسى هو الكن ولكن بالكن كان عيسى فالكن من الله قوله وليس الكن مخلوقا وكذبت النصارى والجهمية على الله في أمر عيسى وذلك أن الجهمية قالوا عيسى روح الله وكلمته لأن الكلمة مخلوقة
قالت النصارى روح الله من ذات الله وكلمة الله من ذات الله كما يقال هذه الخرقة من هذا الثوب وقلنا نحن إن عيسى بالكلمة كان وليس عيسى هو الكلمة
قال أحمد وأما قوله جل ثناءه ﴿ وروح منه ﴾ يقول من أمره كان الروح فيه كقوله ﴿ وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ﴾ يقول من أمره وتفسير روح الله إنما معناها أنها روح بكلمة الله خلقها الله كما يقول عبد الله وسماء الله وفي نسخة روح يملكها الله خلقها الله
وقال الشعبي في قوله تعالى ﴿ وكلمته ألقاها إلى مريم ﴾ الكلمة حين قال له كن