وليس للإمام أن يلزم رب المال بترك شيء من حقه وإن كانت الأموال قد تلفت بالأكل وغيره عندهم أو عند السارق فقيل يضمنونها لأربابها كما يضمن سائر الغارمين وهو قول الشافعي وأحمد رضي الله عنهما وتبقى مع الإعسار في ذمتهم إلى ميسرة وقيل لا يجتمع الغرم والقطع وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وقيل يضمنونها مع اليسار فقط دون الإعسار وهو قول مالك رحمه الله
ولا يحل للسلطان أن يأخذ من أرباب الأموال جعلا عن طلب المحاربين وإقامة الحد وارتجاع أموال الناس منهم ولا على طلب السارقين لا لنفسه ولا للجند الذين يرسلهم في طلبهم بل طلب هؤلاء من نوع الجهاد في سبيل الله فيخرج فيه جند المسلمين كما يخرج في غيره من الغزوات التي تسمي البيكار وينفق على المجاهدين في هذا من المال الذي ينفق منه على سائر الغزاة فإن كان له أقطاع أو عطاء يكفيهم وإلا أعطاهم تمام كفاية غزوهم من مال المصالح من الصدقات فإن هذا من سبيل الله فإن كان على أبناء السبيل المأخوذين زكاة مثل التجار الذين قد يؤخذون فأخذ الإمام زكاة أموالهم وأنفقها في سبيل الله كنفقة الذين يطلبون المحاربين جاز ولو كانت لهم شوكة قوية تحتاج إلى تأليف فأعطى الإمام من الفيء والمصالح أو الزكاة لبغض رؤسائهم يعينهم على إحضار الباقين أو لترك شره فيضعف الباقون ونحو ذلك جاز وكان هؤلاء من المؤلفة قلوبهم وقد ذكر مثل ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره وهو ظاهر بالكتاب والسنة وأصول الشريعة
ولا يجوز أن يرسل الإمام من يضعف عن مقارمة الحرامية ولا من يأخذ مالا من المأخوذين التجار ونحوهم من أبناء السبيل بل يرسل من الجند الأقوياء الأمناء إلا أن يتعذر ذلك فيرسل الأمثل فالأمثل فإن كان بعض نواب السلطان أو رؤساء القرى ونحوهم يأمرون الحرامية بالأخذ في الباطن أو الظاهر حتى إذا أخذوا شيئا قاسمهم ودافع عنهم وأرضى المأخوذين ببعض أموالهم أو لم يرضهم فهذا أعظم جرما من مقدم الحرامية لأن ذلك يمكن دفعه بدون ما يندفع به هذا والواجب أن يقال فيه الردء والعون لهم
فإن قتلوا قتل هو على قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأكثر أهل العلم
وإن أخذوا المال قطعت يده ورجله
وإن قتلوا وأخذوا المال قتل وصلب وعلى قول طائفة من أهل العلم يقطع ويقتل ويصلب وقيل يخير بين هذين وإن كان لم يأذن لهم لكن لما قدر عليهم قاسمهم الأموال وعطل بعض الحقوق والحدود

__________


الصفحة التالية
Icon