لدينكم الذي أنتم عليه بعد مبعث محمد ﷺ ففيها مدح دين اليهود أيضا وهذا باطل عندكم وعند المسلمين
وإن لم يكن فيها مدح اليهود بعد النسخ والتبديل فليس فيها مدح لدين النصارى بعد النسخ والتبديل
وكذلك يقال لليهودي إن احتج بها على صحة دينه
وأيضا فإن النصارى يكفرون اليهود فإن كان دينهم حقا لزم كفر اليهود وإن كان باطلا لزم بطلان دينهم فلا بد من بطلان أحد الدينين فيمتنع أن تكون الآية مدحتهما وقد سوت بينهما
فعلم أنها لم تمدح واحدا منهما بعد النسخ والتبديل وإنما معنى الآية أن المؤمنين بمحمد ﷺ والذين هادوا الذين اتبعوا موسى عليه السلام وهم الذين كانوا على شرعة قبل النسخ والتبديل والنصارى الذين اتبعوا المسيح عليه السلام وهم الذين كانوا على شريعته قبل النسخ والتبديل
والصابئون وهم الصائبون الحنفاء كالذين كانوا من العرب وغيرهم على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق قبل التبديل والنسخ
فإن العرب من ولد إسماعيل وغيره الذين كانوا جيران البيت العتيق الذي بناه إبراهيم وإسماعيل كانوا حنفاء على ملة إبراهيم إلى أن غير دينه بعض ولاة خزاعة وهو عمرو بن لحي وهو أول من غير دين إبراهيم بالشرك وتحريم ما لم يحرمه الله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم
رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه أي أمعاءه في النار وهو أول من بحر البحيرة وسيب السوائب وغير دين إبراهيم
وكذلك بنو إسحاق الذين كانوا قبل مبعث موسى متمسكين بدين إبراهيم كانوا من السعداء المحمودين فهؤلاء الذين كانوا على دين موسى والمسيح وإبراهيم ونحوهم الذين مدحهم الله تعالى ﴿ إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾
فأهل الكتاب بعد النسخ والتبديل ليسوا ممن آمن بالله ولا باليوم الآخر وعمل صالحا كما قال تعالى ﴿ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ﴾

__________


الصفحة التالية
Icon