المحرر الوجيز، ج ١، ص : ١٠٢
فما روضة من رياض القطا كأنّ المصابيح حوذانها
بأحسن منها ولا مزنة دلوح تكشّف أدجانها
واختلف العلماء في الرعد : فقال ابن عباس ومجاهد وشهر بن حوشب وغيرهم : هو ملك يزجر السحاب بهذا الصوت المسموع كلما خالفت سحابة صاح بها، فإذا اشتد غضبه طار النار من فيه، فهي الصَّواعِقِ، واسم هذا الملك الرعد، وقيل الرعد ملك، وهذا الصوت تسبيحه، وقيل الرعد اسم الصوت المسموع، قاله علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، وهذا هو المعلوم في لغة العرب، وقد قال لبيد في جاهليته :[المنسرح ]
فجعني الرعد والصواعق بال فارس يوم الكريهة النجد
وروي عن ابن عباس أنه قال :«الرعد ريح تختنق بين السحاب فتصوت ذلك الصوت». وقيل :
«الرعد اصطكاك أجرام السحاب». وأكثر العلماء على أن الرعد ملك، وذلك صوته يسبح ويزجر السحاب.
واختلفوا في البرق :
فقال علي بن أبي طالب :«هو مخراق حديد بيد الملك يسوق به السحاب».
وقال ابن عباس :«هو سوط نور بيد الملك يزجي به السحاب».
وروي عن ابن عباس رضي اللّه عنه أن البرق ملك يتراءى، وقال قوم :«البرق ماء»، وهذا قول ضعيف.
والصاعقة : قال الخليل :«هي الواقعة الشديدة من صوت الرعد يكون معها أحيانا نار، يقال إنها من المخراق الذي بيد الملك، وقيل في قطعة النار إنها ماء يخرج من فم الملك عند غضبه».
وحكى الخليل عن قوم من العرب «الساعقة» بالسين.
وقال النقاش :«يقال صاعقة وصعقة وصاقعة بمعنى واحد».
وقرأ الحسن بن أبي الحسن «من الصواقع» بتقديم القاف. قال أبو عمرو :«و هي لغة تميم».
وقرأ الضحاك بن مزاحم «حذار الموت» بكسر الحاء وبألف. واختلف المتأولون في المقصد بهذا المثل وكيف تترتب أحوال المنافقين الموازنة لما في المثل من الظلمات والرعد والبرق والصواعق.
فقال جمهور المفسرين :«مثل اللّه تعالى القرآن بالصيب لما فيه من الإشكال عليهم. والعمى : هو الظلمات، وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد، وما فيه من النور والحجج الباهرة التي تكاد أن تبهرهم هو البرق وتخوفهم وروعهم وحذرهم هو جعل أصابعهم في آذانهم، وفضح نفاقهم، واشتهار كفرهم، وتكاليف الشرع التي يكرهونها من الجهاد والزكاة ونحوه هي الصواعق».
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي اللّه عنه : وهذا كله صحيح بين.
وروي عن ابن مسعود أنه قال :«إن رجلين من المنافقين هربا من النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى