المحرر الوجيز، ج ١، ص : ١٢١
جعل الإشارة ب هؤُلاءِ إلى أشخاص الأسماء وهي غائبة، إذ قد حضر ما هو منها بسبب، وذلك أسماؤها، وكأنه قال لهم في كل اسم لأي شخص هذا.
قال القاضي أبو محمد رحمه اللّه : والذي يظهر أن اللّه تعالى علم آدم الأسماء وعرض مع ذلك عليه الأجناس أشخاصا، ثم عرض تلك على الملائكة وسألهم عن تسمياتها التي قد تعلمها آدم، ثم إن آدم قال لهم هذا اسمه كذا، وهذا اسمه كذا، وهؤُلاءِ لفظ مبني على الكسر والقصر فيه لغة تميم وبعض قيس وأسد، قال الأعشى :[الخفيف ].
هؤلا ثم هؤلا كلا أعطي ت نعالا محذوة بنعال
وكُنْتُمْ في موضع الجزم بالشرط، والجواب عند سيبويه فيما قبله، وعند المبرد محذوف، والتقدير : إن كنتم صادقين فأنبئوني.
وقال ابن مسعود وابن عباس وناس من أصحاب النبي عليه السلام، معنى الآية : إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في أن الخليفة يفسد ويسفك.
وقال آخرون : صادِقِينَ في أني إن استخلفتكم سبحتم بحمدي وقدستم لي.
وقال الحسن وقتادة : روي أن الملائكة قالت حين خلق اللّه آدم : ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقا أعلم منا ولا أكرم عليه، فأراد اللّه تعالى أن يريهم من علم آدم وكرامته خلاف ما ظنوا فالمعنى إن كنتم صادقين في دعواكم العلم.
وقال قوم : معنى الآية إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في جواب السؤال عالمين بالأسماء. قالُوا : ولذلك لم يسغ للملائكة الاجتهاد وقالوا : سُبْحانَكَ حكاه النقاش. قال : ولو لم يشترط عليهم الصدق في الإنباء لجاز لهم الاجتهاد كما جاز للذي أماته اللّه مائة عام حين قال له «كم لبثت؟» ولم يشترط عليه الإصابة.
فقال، ولم يصب فلم يعنف.
قال القاضي أبو محمد رحمه اللّه : وهذا كله محتمل.
وحكى الطبري أن بعض المفسرين قال : معنى إِنْ كُنْتُمْ «إذ كنتم».
قال الطبري : وهذا خطأ. وإن قال قائل ما الحكمة في قول اللّه تعالى للملائكة إِنِّي جاعِلٌ الآية، قيل : هذا منه امتحان لهم واختبار ليقع منهم ما وقع ويؤدبهم تعالى من تعليم آدم وتكريمه بما أدب.
وسُبْحانَكَ معناه : تنزيها لك وتبرئة أن يعلم أحد من علمك إلا ما علمته، وسُبْحانَكَ نصب على المصدر.
وقال الكسائي :«نصبه على أنه منادى مضاف».
قال الزهراوي : موضع ما من قولهم ما عَلَّمْتَنا نصب ب عَلَّمْتَنا، وخبر التبرئة في لَنا، ويحتمل أن يكون موضع ما رفعا على أنه بدل من خبر التبرئة، كما تقول لا إله إلا اللّه أي لا إله في


الصفحة التالية
Icon