المحرر الوجيز، ج ١، ص : ٣٦
باب ما ورد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، وعن الصحابة، وعن نبهاء العلماء، في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
«إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم، قيل : فما النجاة منها يا رسول اللّه؟ قال : كتاب اللّه تعالى، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو فصل ليس بالهزل، من تركه تجبرا قصمه اللّه، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله اللّه، وهو حبل اللّه المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء، من علم علمه سبق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم».
قال أنس بن مالك في تفسير قوله تعالى : فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى [البقرة : ٢٥٦، لقمان : ٢٢]. قال : هي القرآن.
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن».
وقال عليه السلام :«اتلوا هذا القرآن، فإن اللّه يأجركم بالحرف منه عشر حسنات، أما إني لا أقول «الم» حرف، ولكن الألف حرف، واللام حرف، والميم حرف».
وروي عنه عليه السلام أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض :«أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين، إنه لن تعمى أبصاركم، ولن تضل قلوبكم، ولن تزل أقدامكم، ولن تقصر أيديكم، كتاب اللّه سبب بينكم وبينه، طرفه بيده، وطرفه بأيديكم، فاعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، ألا وعترتي، وأهل بيتي، هو الثقل الآخر، فلا تسبعوهم فتهلكوا».
وقيل لجعفر بن محمد الصادق : لم صار الشعر والخطب يمل ما أعيد منها، والقرآن لا يمل؟ فقال :
لأن القرآن حجة على أهل الدهر الثاني، كما هو حجة على أهل الدهر الأول، فكل طائفة تتلقاه غضا جديدا ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مرة علوما غضة، وليس هذا كله في الشعر والخطب.
وقيل لمحمد بن سعيد : ما هذا الترديد للقصص في القرآن؟ فقال : ليكون لمن قرأ ما تيسر منه حظ في الاعتبار.
وروي عنرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال :«من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم اللّه».