المحرر الوجيز، ج ١، ص : ٤٠٩
قال ابن سيده : هكذا هو بالسريانية، وقال الربيع بن أنس : القنطار المال الكثير بعضه على بعض، وحكى النقاش عن ابن الكلبي، أن القنطار بلغة الروم ملء مسك ثور ذهبا، وقال النقاش : الْقَناطِيرِ ثلاثة، والْمُقَنْطَرَةِ تسعة لأنه جمع الجمع، وهذا ضعف نظر وكلام غير صحيح، وقد حكى مكي نحوه عن ابن كيسان أنه قال : لا تكون الْمُقَنْطَرَةِ أقل من تسعة وحكى المهدوي عنه وعن الفراء، لا تكون الْمُقَنْطَرَةِ أكثر من تسعة، وهذا كله تحكم. قال أبو هريرة : القنطار اثنا عشر ألف أوقية، وحكى مكي قولا إن القنطار أربعون أوقية ذهبا أو فضة، وقاله ابن سيده في المحكم، وقال : القنطار بلغة بربر ألف مثقال، وروى أنس بن مالك عن النبي عليه السلام في تفسير قوله تعالى : وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً [النساء : ٢٠] قال ألف دينار ذكره الطبري، وحكى الزجاج أنه قيل : إن القنطار هو رطل ذهبا أو فضة وأظنها وهما، وإن القول مائة رطل فسقطت مائة للناقل، والقنطار إنما هو اسم المعيار الذي يوزن به، كما هو الرطل والربع، ويقال لما بلغ ذلك الوزن هذا قنطار أي يعدل القنطار، والعرب تقول : قنطر الرجل إذا بلغ ماله أن يوزن بالقنطار، وقال الزجاج : القنطار مأخوذ من عقد الشيء وأحكامه والقنطرة المعقودة نحوه، فكأن القنطار عقدة مال.
واختلف الناس في معنى قوله : الْمُقَنْطَرَةِ فقال الطبري : معناه المضعفة، وكأن الْقَناطِيرِ ثلاثة والْمُقَنْطَرَةِ تسع، وقد تقدم ذكر هذا النظر، وقال الربيع : معناه المال الكثير بعضه فوق بعض، وقال السدي : معنى الْمُقَنْطَرَةِ، المضروبة حتى صارت دنانير أو دراهم، وقال مكي : الْمُقَنْطَرَةِ المكملة، والذي أقول : إنها إشارة إلى حضور المال وكونه عتيدا، فذلك أشهى في أمره وذلك أنك تقول في رجل غني من الحيوان والأملاك : فلان صاحب قناطير مال أي لو قومت أملاكه لاجتمع من ذلك ما يعدل قناطير، وتقول في صاحب المال الحاضر العتيد هو صاحب قناطير مقنطرة أي قد حصلت كذلك بالفعل بها، أي قنطرت فهي مقنطرة، وذلك أشهى للنفوس وأقرب للانتفاع وبلوغ الآمال. وقد قال مروان بن الحكم :
ما المال إلا ما حازته العياب، وإذا كان هذا فسواء كان المال مسكوكا، أو غير مسكوك، أما أن المسكوك أشهى لما ذكرناه، ولكن لا تعطي ذلك لفظة الْمُقَنْطَرَةِ.
وَالْخَيْلِ : جمع خائل عند أبي عبيدة، سمي بذلك الفرس لأنه يختال في مشيه فهو كطائر وطير، وقال غيره : هو اسم جمع لا واحد له من لفظه، واختلف المفسرون في معنى الْمُسَوَّمَةِ فقال سعيد بن جبير وابن عباس وعبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبزى والحسن والربيع ومجاهد، معناه الراعية في المروج والمسارح تقول : سامت الدابة أو الشاة إذا سرحت وأخذت سومها من الرعي أي غاية جهدها ولم تقصر عن حال دون حال، وأسمتها أنا إذا تركتها لذلك، ومنه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم :«في سائمة الغنم الزكاة» ومنه قوله عز وجل : فِيهِ تُسِيمُونَ [النحل : ١٠] وروي عن مجاهد أنه قال : الْمُسَوَّمَةِ معناه المطهمة الحسان، وقاله عكرمة، سومها الحسن، وروي عن ابن عباس أنه قال : الْمُسَوَّمَةِ معناه المعلمة، شيات الخيل في وجوهها وقاله قتادة، ويشهد لهذا القول بيت لبيد :[الكامل ]
وغداة قاع القرنتين أتينهم زجلا يلوح خلالها التّسويم


الصفحة التالية
Icon