المحرر الوجيز، ج ١، ص : ٤١١
محتملان، وقوله مِنْ تَحْتِهَا يعني من تحت أشجارها وعلوها من الغرف ونحوها وخالِدِينَ نصب على الحال، وقوله : وَأَزْواجٌ عطف على الجنات وهو جمع زوج وهي امرأة الإنسان، وقد يقال زوجة، ولم يأت في القرآن، ومُطَهَّرَةٌ، معناه من المعود في الدنيا من الأقذار والريب وكل ما يصم في الخلق والخلق، ويحتمل أن يكون الأزواج الأنواع والأشباه، والرضوان، مصدر من الرضى وفي الحديث عن النبي عليه السلام : أن أهل الجنة إذا استقروا فيها وحصل لكل واحد منهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال اللّه لهم : أتريدون أن أعطيكم ما هو أفضل من هذا؟ قالوا يا ربنا وأي شيء أفضل من هذا؟ فيقول اللّه تعالى :«أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدا»، هذا سياق الحديث، وقد يجيء مختلف الألفاظ والمعنى قريب بعضه من بعض، وفي قوله تعالى :
وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ وعد ووعيد.
قوله تعالى :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٦ الى ١٧]
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٦) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (١٧)
الَّذِينَ بدل من «الذين اتقوا» [آل عمران : ١٥]، فسر في هذه الآية أحوال المتقين الموعودين بالجنات، ويحتمل أن يكون إعراب قوله : الَّذِينَ في هذه الآية رفعا على القطع وإضمار الابتداء ويحتاج إلى القطع وإضمار فعل في قوله : الصَّابِرِينَ والخفض في ذلك كله على البدل أوجه. ويجوز في الَّذِينَ، وما بعده النصب على المدح؟ والصبر في هذه الآية معناه على الطاعات وعلى المعاصي والشهوات، والصدق معناه في الأقوال والأفعال، والقنوت، الطاعة والدعاء أيضا وبكل ذلك يتصف المتقي، والإنفاق معناه في سبيل اللّه ومظان الأجر كالصلة للرحم وغيرها، ولا يختص هذا الإنفاق بالزكاة المفروضة، والاستغفار طلب المغفرة من اللّه تعالى، وخص تعالى السحر لما فسر النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله، ينزل ربنا عز وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول، من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر.
وروي في تفسير قول يعقوب عليه السلام : سوف أستغفر لكم ربي، أنه أخر الأمر إلى السحر، وروى إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال : سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد يقول : رب أمرتني فأطعتك، وهذا سحر فاغفر لي، فنظرت فإذا ابن مسعود، وقال أنس بن مالك : أمرنا أن نستغفر بالسحر سبعين استغفارة، وقال نافع : كان ابن عمر يحيي الليل صلاة ثم يقول : يا نافع آسحرنا؟ فأقول - لا - فيعاود الصلاة ثم يسأل، فإذا قلت نعم قعد يستغفر، فلفظ الآية إنما يعطي طلب المغفرة، وهكذا تأوله من ذكرناه من الصحابة، وقال قتادة : المراد بالآية المصلون بالسحر، وقال زيد بن أسلم : المراد بها الذين يصلون صلاة الصبح في جماعة وهذا كله يقترن به الاستغفار، والسحر والسحر، بفتح الحاء وسكونها آخر الليل، قال الزجاج وغيره : هو قبل طلوع الفجر، وهذا صحيح لأن ما بعده الفجر هو من اليوم لا من الليلة،