المحرر الوجيز، ج ١، ص : ٤٤
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ [الحج : ١١] أي على وجه وطريقة، هي ريب وشك، فكذلك معنى هذا الحديث على سبع طرائق، من تحليل، وتحريم، وغير ذلك.
وذكر القاضي أيضا أن أبيّا رضي اللّه عنه روى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال :«يا أبيّ إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت غفور رحيم، سميع عليم، أو عليم حكيم، وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة، أو رحمة بعذاب».
قال القاضي أبو محمد عبد الحق : وقد أسند ثابت بن قاسم نحو هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، وذكر من كلام ابن مسعود نحوه.
قال القاضي ابن الطيب :«و هذه أيضا سبعة غير السبعة التي هي وجوه وطرائق، وغير السبعة التي هي قراءات ووسع فيها، وإنما هي سبعة أوجه من أسماء اللّه تعالى».
وإذا ثبتت هذه الرواية حمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ، فلا يجوز للناس أن يبدلوا اسما للّه في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالفه.
قال القاضي :«و زعم قوم أن كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه، وإلا بطل معنى الحديث».
قالوا :«و تعرف بعض الوجوه بمجيء الخبر به، ولا نعرف بعضها، إذا لم يأت به خبر».
قال : وقال قوم : ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن كلمة أو كلمتان تقرءان على سبعة أوجه، فإذا حصل ذلك تم معنى الحديث».
قال القاضي أبو بكر بن الطيب :«و قد زعم قوم أن معنى الحديث أنه نزل على سبع لغات مختلفات وهذا باطل إلا أن يريد الوجوه المختلفة التي تستعمل في القصة الواحدة.
والدليل على ذلك أن لغة عمر بن الخطاب، وأبي بن كعب، وهشام بن حكيم، وابن مسعود، واحدة، وقراءتهم مختلفة، وخرجوا بها إلى المناكرة».
فأما الأحرف السبعة التي صوب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم القراءة بجميعها - وهي التي راجع فيها فزاده وسهل عليه لعلمه تعالى بما هم عليه من اختلافهم في اللغات - فلها سبعة أوجه، وسبع قراءات مختلفات، وطرائق يقرأ بها على اختلافها في جميع القرآن أو معظمه، حسبما تقتضيه العبارة في قوله :
«أنزل القرآن» فإنما يريد به الجميع أو المعظم، فجائز أن يقرأ بهذه الوجوه على اختلافها ويدل على ذلك قول الناس : حرف أبيّ وحرف ابن مسعود، ونقول في الجملة إن القرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات، والإعراب، وتغيير الأسماء والصور، وإن ذلك مفترق في كتاب اللّه ليس بموجود في حرف واحد، وسورة واحدة، يقطع على اجتماع ذلك فيها.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي اللّه عنه : انتهى ما جمعت من كلام القاضي أبي بكر رضي اللّه عنه، وإطلاقه البطلان على القول الذي حكاه فيه نظر، لأن المذهب الصحيح الذي قرره آخرا من قوله