المحرر الوجيز، ج ١، ص : ٤٨
اللغات، وقال لهم :«إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش».
فمعنى هذا إذا اختلفتم فيما روي، وإلا فمحال أن يحيلهم على اختلاف من قبلهم، لأنه وضع قرآن فكتبوا في القرآن من كل اللغات السبع، مرة من هذه، ومرة من هذه، وذلك مقيد بأن الجميع مما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وقرىء عليه، واستمر الناس على هذا المصحف المتخير وترك ما خرج عنه مما كان كتب سدا للذريعة وتغليبا لمصلحة الألفة وهي المصاحف التي أمر عثمان بن عفان رضي اللّه عنه أن تحرق أو تخرق.
فأما ابن مسعود فأبى أن يزال مصحفه فترك، ولكن أبى العلماء قراءته سدا للذريعة، ولأنه روي أنه كتب فيه أشياء على جهة التفسير فظنها قوم من التلاوة فتخلط الأمر فيه ولم يسقط فيما ترك معنى من معاني القرآن لأن المعنى جزء من الشريعة، وإنما تركت ألفاظ معانيها موجودة في الذي أثبت.
ثم إن القراء في الأمصار تتبعوا ما روي لهم من اختلافات لا سيما فيما وافق خط المصحف، فقرؤوا بذلك حسب اجتهاداتهم، فلذلك ترتب أمر القراء السبعة وغيرهم رحمهم اللّه ومضت الأعصار والأمصار على قراءة السبعة وبها يصلى لأنها ثبتت بالإجماع.
وأما شاذ القراءات فلا يصلى به، وذلك لأنه لم يجمع الناس عليه. أما أن المروي منه عن الصحابة رضي اللّه عنهم وعن علماء التابعين لا يعتقد فيه إلا أنهم رووه.
وأما ما يؤثر عن أبي السمال ومن قاربه فلا يوثق به وإنما أذكره في هذا الكتاب لئلا يجهل واللّه المستعان.
وكان المصحف غير مشكول ولا منقوط، وقد وقع لبعض الناس خلاف في بعض ما ذكرته في هذا الباب ومنازعات اختصرت ذلك كراهة التطويل وعولت على الأسلوب الواضح الصحيح، واللّه المرشد للصواب برحمته.