المحرر الوجيز، ج ١، ص : ٧١
عمر الذي رآه يجره :«قيل : فما أولته يا رسول اللّه؟ قال : الدين» وقال علي بن أبي طالب :«محبة العلماء دين يدان به». ومن أنحاء اللفظة الدين بمعنى العادة. فمنه قول العرب في الريح :«عادت هيف لأديانها».
ومنه قول امرئ القيس :[الطويل ] كدينك من أمّ الحويرث قبلها ومنه قول الشاعر :[المثقب العبدي ] [الوافر] :
أهذا دينه أبدا وديني إلى غير ذلك من الشواهد، يقال دين ودينة أي عادة، ومن أنحاء اللفظة : الدين سيرة الملك وملكته، ومنه قول زهير :[البسيط].
لئن حللت بجوّ في بني أسد في دين عمرو وحالت بيننا فدك
أراد في موضع طاعة عمرو وسيرته، وهذه الأنحاء الثلاثة لا يفسر بها قوله ملك يوم الدين. ومن أنحاء اللفظة الدين الجزاء، فمن ذلك قول الفند الزماني :[شهل بن شيبان ] [الهزج ].
ولم يبق سوى العدوا ن دنّاهم كما دانوا
أي جازيناهم. ومنه قول كعب بن جعيل :[المتقارب ].
إذا ما رمونا رميناهم ودناهم مثل ما يقرضونا
ومنه قول الآخر :
واعلم يقينا أنّ ملكك زائل واعلم بأنّ كما تدين تدان
وهذا النحو من المعنى هو الذي يصلح لتفسير قوله تعالى : ملك يوم الدين أي يوم الجزاء على الأعمال والحساب بها، كذلك قال ابن عباس، وابن مسعود، وابن جريج، وقتادة وغيرهم.
قال أبو علي : يدل على ذلك قوله تعالى : الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ [غافر : ١٧]، والْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية : ٢٨]. وحكى أهل اللغة : دنته بفعله دينا بفتح الدال ودينا بكسرها جزيته، وقيل الدين المصدر والدين بكسر الاسم.
وقال مجاهد : ملك يوم الدين أي يوم الحساب، مدينين محاسبين وهذا عندي يرجع إلى معنى الجزاء. ومن أنحاء اللفظة الدين الذل، والمدين العبد، والمدينة الأمة، ومنه قول الأخطل :
ربت وربا في حجرها ابن مدينة تراه على مسحاته يتركّل
أي ابن أمة، وقيل بل أراد ابن مدينة من المدن، الميم أصيلة، ونسبه إليها كما يقال ابن ماء وغيره.
وهذا البيت في صفة كرمة فأراد أن أهل المدن أعلم بفلاحة الكرم من أهل بادية العرب. ومن أنحاء اللفظة الدين السياسة، والديان السائس، ومنه قول ذي الأصبع الحدثان بن الحارث :[البسيط].
لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب يوما ولا أنت دياني فتخزوني