المحرر الوجيز، ج ١، ص : ٨٢
قال الشعبي عامر بن شراحيل وسفيان الثوري وجماعة من المحدثين :«هي سرّ اللّه في القرآن، وهي من المتشابه الذي انفرد اللّه بعلمه، ولا يجب أن يتكلم فيها، ولكن يؤمن بها وتمرّ كما جاءت».
وقال الجمهور من العلماء :«بل يجب أن يتكلم فيها وتلتمس الفوائد التي تحتها والمعاني التي تتخرج عليها» واختلفوا في ذلك على اثني عشر قولا :
فقال علي بن أبي طالب وابن عباس رضي اللّه عنهما :«الحروف المقطعة في القرآن هي اسم اللّه الأعظم، إلا أنا لا نعرف تأليفه منها».
وقال ابن عباس أيضا :«هي أسماء اللّه أقسم بها».
وقال زيد بن أسلم :«هي أسماء للسور».
وقال قتادة :«هي أسماء للقرآن كالفرقان والذكر».
وقال مجاهد :«هي فواتح للسور».
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي اللّه عنه : كما يقولون في أول الإنشاد لشهير القصائد :«بل» و«لا بل». نحا هذا النحو أبو عبيدة والأخفش.
وقال قوم :«هي حساب أبي جاد لتدل على مدة ملة محمد صلى اللّه عليه وسلم كما ورد في حديث حيي بن أخطب» وهو قول أبي العالية رفيع وغيره.
وقال قطرب وغيره :«هي إشارة إلى حروف المعجم، كأنه يقول للعرب : إنما تحديتكم بنظم من هذه الحروف التي عرفتم، فقوله الم بمنزلة قولك أ، ب، ت، ث، لتدل بها على التسعة والعشرين حرفا».
وقال قوم :«هي أمارة قد كان اللّه تعالى جعلها لأهل الكتاب أنه سينزل على محمد كتابا في أول سور منه حروف مقطعة».
وقال ابن عباس :«هي حروف تدل على : أنا اللّه أعلم، أنا اللّه أرى، أنا اللّه أفصّل».
وقال ابن جبير عن ابن عباس :«هي حروف كل واحد منها إما أن يكون من اسم من أسماء اللّه، وإما من نعمة من نعمه، وإما من اسم ملك من ملائكته، أو نبي من أنبيائه».
وقال قوم :«هي تنبيه ك «يا» في النداء».
وقال قوم :«روي أن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن بمكة نزلت ليستغربوها فيفتحوا لها أسماعهم فيسمعون القرآن بعدها فتجب عليهم الحجة».
قال القاضي أبو محمد : والصواب ما قاله الجمهور أن تفسر هذه الحروف ويلتمس لها التأويل، لأنا نجد العرب قد تكلمت بالحروف المقطعة نظما لها ووضعا بدل الكلمات التي الحروف منها، كقول الشاعر :
[الوليد بن المغيرة] [الرجز].
قلنا لها قفي فقالت قاف